طرح اعتبار وكالة التصنيف الدولي موديز، ان تباطؤ التدفقات الرأسمالية على لبنان وتراجع نمو الودائع يعززان احتمال تحرك الحكومة لاتخاذ تدابير تشمل إعادة هيكلة الدين أو اجراء آخر لإدارة الالتزامات ربما يُشكّل تخلفاً عن السداد، العديد من التساؤلات حول الوضع المالي في لبنان حيث
أكد الخبير والباحث الاقتصادي والاستراتيجي البروفيسور جاسم عجاقة في حديث خاص لموقع “المرده” ان “التقرير الدولي هو تقرير دقيق علمي، ولا أحد يستطيع تكذيبه، ولا يمكن ان ننكر انه يحمل العديد من الرسائل السياسية، ولكن بالدرجة الأولى التقارير الصادرة عن الوكالات الدولية لا يمكن انكارها وهي دقيقة جداً، لافتاً الى أن المشكلة هي ان الاجراءات التي تتخذها الدولة اللبنانية في مشروع الموازنة تعتبرها وكالات التصنيف العالمية والاسواق المالية غير كافية، وبالتالي هي تلجأ الى دق جرس الانذار للمستقبل وتنبيهنا والقول لنا “انتبهوا الى اين تتجهون”!، مشيراً الى أن “وكالة موديز لفتت الى ان الموازنة في لبنان لا تتضمن اصلاحات كافية والفساد لم يحارب بشكل كافٍ وفوق ذلك كله يجري التمويل من المصارف بنسبة واحد في المئة لذلك تدعو الوكالة الى الانتباه لان ذلك يشير الى أن هناك تخلفاً عن السداد بما معناه الافلاس ويمكننا الاعتبار ان تقرير موديز هو مخاطبة للحكومة وللسلطة السياسية في لبنان لتحسين الأداء المالي للدولة اللبنانية خاصة وان موديز قالت ان لا احد يصدق أن الدولة ستلتزم بالعجز الذي وضعته وهو 7,59%”.
وعما اذا كان لهذه الوكالات العالمية مصلحة في اعطاء صورة مسيئة عن لبنان اكد : “ان ذلك ممكن نظراً لكثرة التقارير عن الوضع المالي اللبناني والسلبية التي تظهرها وصدور كل هذه التقارير يتزامن مع صفقة القرن ويمكن ان يكون هناك اهداف مخبأة، ويمكن ان تكون هذه الوكالات تشعرنا بالخطر عقاباً لنا على رفض صفقة القرن وما يمكن ان يترتب عنها من تداعيات على الاقتصاد اللبناني، هذه رسالة واضحة اي ان الوكالات العالمية توضح لنا ما يمكن ان يحصل بالوضع المالي في لبنان جراء رفضه صفقة القرن بالمطلق، وهذا الامر أثبته واكده رئيس الحكومة سعد الحريري في جلسة مجلس الوزراء وهو الذي قال حرفياً ان “كل المكونات اللبنانية ترفض هذه الصفقة بالاجماع ونحن تحت سقف الدستور الذي يمنع التوطين ونحن تحت سقف قرارات جامعة الدول العربية”، لافتاً الى أن هناك ألف طريقة كي يجعلوا لبنان يدفع ثمن مواقفه وليس فقط على الصعيد الاقتصادي”.
وحول ابرز الثغرات في المالية اللبنانية وكيف يمكن العمل على معالجتها، شدد عجاقة على أن ”
تقرير موديز كان واضحاً وفنّد لنا كل الثغرات اي انه لدينا مشكلة في خفض العجز، والانفاق لا يزال مرتفعاً، ولم يجر اي تخفيض هيكلي للانفاق كما ان هناك فساداً وهدراً لم يتم معالجتهما، ويعتبر تقرير موديز انه ليس هناك استدامة في خفض العجز، موضحاً ان غياب هذه الاستدامة يعني ان العجز مرشح للارتفاع أكثر في السنة المقبلة وكل الطبقة السياسية رفضت فرض الضرائب والرسوم لانها متخوفة من ردة فعل الشارع، ولكن بالنسبة للمجتمع الدولي الاصلاحات تعني الاصلاحات في الموازنة، ما يعني بالدرجة الاولى رفع الايرادات وخفض الانفاق وحتى الرسمان او الاجراءان اللذان يؤمنان رفعاً للايرادات وهما رسم 2% على الاستيراد تم ايقافه والضريبة من 7 الى 10% على فوائد الحسابات المصرفية وكل ذلك لم يمرّ مئة في المئة اي ان هناك اشكالية بموضوع الايرادات”.
واضاف: “الخطة الاقتصادية الواضحة غائبة وكل التقشف سيؤدي حكماً الى تراجع النمو الاقتصادي، بالمقابل لم تتضمن الموازنة اي اجراء اقتصادي لتحفيز النمو الاقتصادي بحسب الوكالات الدولية، ولكن برأيي القرارات الاساسية تبقى موجودة في محاربة الفساد، التهرب الضريبي والجمركي، المناقصات العمومية، وعملية تطبيق الموازنة تحوي ثغرات والنقطة التي اوافق عليها في تقرير موديز في شكل كبير هي ان ليس هناك اي شيء له علاقة بالنمو الاقتصادي”.
وعن التأخير في اقرار الموازنة والانعكاسات المترتبة عنه، قال عجاقة: “هناك نوعان من التأخير الاول بالنسبة للمهل الدستورية اي الموعد الذي بدأوا به مناقشة الموازنة، والتأخير الثاني هو بالمناقشة نفسها، 19 جلسة في الحكومة و20 جلسة تقريباً في لجنة المال والموازنة، وانخفاض سندات الخزينة تتحمل مسؤوليته القوى السياسية بتأخيرها لاقرار الموازنة، والتداعيات رهيبة وندفع ثمنها، والقوى السياسية تأخرت كثيراً باقرار الموازنة لذلك هذا الامر خطير جداً فقد استغرق اقرارها من شهرين الى ثلاثة أشهر، وباعتقادي الشخصي التأخير مبالغ فيه حتى لو كنا في فترة طول المناقشة يسمح فيها القانون لأن البلد كله “واقف” ولا استثمارات والاستهلاك ضعيف وهذا كله يشي بأنه ينتظرنا وضعا اقتصاديا صعبا في الاشهر الستة المقبلة”.