في 29 أيار من العام 2000، أقرَّ مجلس النوّاب “قانون حقوق الأشخاص المُعوَّقين”، رقم 220/2000، فما كان من حكومة ذاك الزمن والحكومات المتعاقبة من بعدها إلا أنْ أدخلت القانون في غيبوبة تنفيذيّة حتى يومنا هذا.
بعد طول تغييب، وفي جلسة يوم الخميس الماضي، أقرَّ مجلس الوزراء مرسوماً تنظيمياً للمادة (73) منه، التي تقضي بأنْ “تُخصَّص وظائف في القطاع العام للأشخاص المُعوَّقين بنسبة ثلاثة بالمئة (3%) على الأقل من العدد الإجمالي للفئات والوظائف جميعها”.
لافت، كان “توقيت” إقرار هذا المرسوم التنظيمي، خصوصاً أنّه جاء بعد خطوتين، هما: الأولى، إحالة مجلس الوزراء مشروع قانون الموازنة العامة إلى مجلس النوّاب، الذي تضمّنت المادة (78) منه اقتراح (منع جميع حالات التوظيف والتعاقد الجديد في القطاع العام لمدة 3 سنوات)، والثانية، إقرار المادة في لجنة المال والموازنة التي ارتأت إلغاء الاستثناءات الواردة فيها.
الأهميّة “السلبيّة” لـ “التوقيت” تكمن في أنّ الإقرار “النهائي” في مجلس النوّاب لقانون الموازنة العامة المتضمّن (منع التوظيف في القطاع العام)، سيجعل من إقرار مجلس الوزراء للمرسوم التنظيمي (تخصيص وظائف في القطاع العام للأشخاص المُعوَّقين) وكأنه لم يكن، أو بلا قيمة تنفيذيّة، أقلّه لمدة 3 سنوات، هذا أذا جرت رياح المصالح خلالها كما تشتهي سفن الإنقاذ.
اليوم، وبعد 19 عاماً من إقرار “قانون حقوق الأشخاص المُعوَّقين” نيابيّاً والامتناع عن تطبيقه حكوميّاً:
– مجلس النوّاب، سَيَحرُم المُعوَّقين من حق “التوظيف في القطاع العام”، في حال موافقة هيئته العامة على المادة (78) من الموازنة.
– مجلس الوزراء، وبتصرّف مُريب، اقترح عبر مشروع الموازنة “منع التوظيف”، و”فجأة” أقرَّ في جلسته الأخيرة مرسوم تنظيم “توظيف المُعوَّقين في القطاع العام”.
عمليّاً، وبقليل من الحبر على ورق مرسوم، فعلها مجلس الوزراء ونجح في رفع المسؤوليّة عن نفسه ورميها كاملة على مجلس النوّاب.
هل ستستمر الجمعيات والهيئات المعنيّة بالقضيّة في التعبير عن ارتياحها وإبراز الثناء على أداء السلطتين التشريعيّة والتنفيذيّة، من دون أن تعرف:
– لماذا لم يُدرَج حقّ المُعوَّقين بالتوظيف في القطاع العام، طالما أنّه حقّ مُقونن، من ضمن الإستثناءات الواردة في المادة (78) من مشروع الموازنة؟
– لماذا لم يُقر مجلس الوزراء مرسوماً تنظيميّاً بشأن توظيف المُعوَّقين في القطاع الخاص، كدليل على صدق الاهتمام المفاجئ؟
– لماذا أقرَّ مجلس الوزراء للمُعوَّقين حقاً عبر مرسوم يعلم أنّه لن يُطبَّق، وأنّ مجلس النوّاب سيمنع تطبيقه بناءً لاقتراح حكومي ورد في مشروع الموازنة؟
للعبرة، في قرارة نفسه، يدرك كل إنسان أنّه مُعوَّق بطريقة ما أو تجاه أمر ما، ومع ذلك يظنّ أنّه الأقل إعاقة. وقد يكون هذا أحد أوْجُه المساواة بين البشر في الحياة الدنيا وكذلك في السياسة والسلطة.
الرئيسية اقتصاد لبنان الإعلام الإقتصادي فعلها مجلس الوزراء… أقرَّ للمُعوَّقين ما سيمنعه مجلس النوّاب