ذكرت “الاخبار” ان شراء مبنى “تاتش” الجديد يشكّل إحدى أبرز عمليّات “الاحتيال” الحاصلة في الدولة اللبنانية. العمليّة التي صوّرها وزير الاتصالات محمد شقير بوصفها إنجازاً، ليست إلّا محاولة لـ”مسح الأوساخ” التي خلّفها سلفه جمال الجرّاح، وكبّدت الخزينة العامّة التي تئنُّ من عجز قد يودي بها إلى الإفلاس، مبلغ 75 مليون دولار أميركي.
بدأت القصّة مطلع العام 2018 عندما بدأت شركة “تاتش” (المشغّلة لإحدى شركتي الهاتف الخلوي المملوكتين من الدولة) البحث عن مبنى جديد لاستئجاره ونقل مكاتبها الإدارية إليه، بدلاً من المبنى القديم الذي كانت تشغله في المدوّر بالقرب من شركة كهرباء لبنان. وهو ما تعتبره مصادر متابعة للملف “منافياً لكل منطق اقتصادي، خصوصاً أن إيرادات الشركة كانت تعاني تراجعاً كبيراً، ما انعكس تراجع التحويلات إلى الخزينة العامّة بنسبة 20% مقارنة مع العام 2017″، لكن، وفقاً للمصدر نفسه، فإن “القرار اتخذ من قبل رئيس مجلس إدارة تاتش بدر الخرافي ووزير الاتصالات حينها جمال الجرّاح. ورسا الخيار على مبنى في وسط المدينة في العقار رقم 1526/ الباشورة تملكه شركة “سيتي ديفلوبمنت”، المملوكة بنسبة 48% من نبيل كرم و26% من نجيب كرم و26% من ناجي كرم. وقد تمّ التواصل مع نبيل كرم والاتفاق معه على استئجار البلوكين B وC من العقار المذكور”.
واوضحت الصحيفة انه في الواقع، وفي سياق التفاوض على استئجار المبنى، تمّ تأسيس شركتين؛ الأولى باسم “AC Realty Group” في 26/4/2018، التي يملك 998 سهماً منها حسين عيّاش، الذي يعمل مديراً في “Audacia Capital”، وهي شركة استثمارات في دبي، ويعدّ من المقرّبين من حسن فوّاز المحسوب بدوره على الخرافي وكان يعمل معه في الشركة نفسها، وفي “قطر فرست بنك”، وعاد وحصل على عقد صيانة مبنى “تاتش” الجديد بقيمة مليون دولار. بسحر ساحر، وبعد انكشاف دوره في الشركة، استقال عياش، أمس، من الشركة، وتخلى عن أسهمه فيها. كذلك يملك كلّ من سيرج عيروط وعلاء مروة (وهما محاميان لنبيل كرم) سهما واحداً في الشركة التي اتخذت مقرّاً لها في إحدى غرف مكتب المحامية ماري أنطوانيت غسطين عيروط (والدة سيرج عيروط) في بدارو. أما الشركة الثانية فقد حملت اسم BC 1526 وتأسّست في 2/5/2018، أي بعد ستة أيام من تأسيس الشركة الأولى، ويملكها نبيل كرم (2890 سهماً) وكلّ من مينرفا دهان ومارون الحلو (10 أسهم لكلّ منهما) وهما موظّفان في شركة كرم أيضاً.
واوضحت انه كان من المفترض أن يتملّك عيّاش (الغطاء المفترض لبدر الخرافي) البلوك المذكور ودفع ثمنه كاملاً بعد عشر سنوات كحدّ أقصى من المال العام، إلّا أن انكشاف الفضيحة أعاد خلط الأوراق مجدّداً، وصولاً إلى شراء العقار من قبل تاتش لتغطية العملية برمّتها. والدليل أنه بتاريخ 30/7/2019 عقدت “سيتي دفلوبمنت” جمعية عمومية تم الاتفاق خلالها على “بيع كامل العقار 1526 أو أقسام منه”، فيما وقّع عقد البيع في اليوم التالي (31/7/2019) مع شركة “ميك 2” بقيمة 68 مليوناً و600 ألف دولار (وهو مبلغ يضاف إلى مبلغ الـ6.4 مليون التي دفعت لـAC Realty Group). وقد تمّ تحويل الدفعة الأولى بقيمة 23 مليوناً و600 ألف دولار في 3/8/2019 على أن تستحق في 8/8/2019، أي بتاريخ اليوم، وبعد يوم واحد من “تسجيل استقالة حسين عيّاش من مجلس إدارة AC Realty (يوم أمس في 7/8/2019) وتخلّيه عن كامل أسهمه لصالح نجيب كرم”.
وذكرت ان الوقائع تستدعي تحرّك الهيئات الرقابية فوراً لفتح تحقيق جدي لكشف كلّ الملابسات، ومساءلة كلّ من إدارة “تاتش”، ممثلة ببدر الخرافي المشتبه باستغلاله منصبه لمنفعة خاصة، وأعضاء مجلس الإدارة، وهيئة مالكي شركتي الهاتف الخلوي، ووزيري الاتصالات الحالي والسابق حولها.