كتبت صحيفة “اللواء ” تقول: ما كشفه نظام الإجراءات التي أعلن الرئيس سعد الحريري انه جرى التوافق عليها، في الاجتماع الاقتصادي الموسع في بعبدا، ان لبنان دخل في سباق زمن سقفه أقل من ستة أشهر لإظهار قدرته على النهوض الاقتصادي، وتجاوز الأزمة الخطيرة التي تعصف بلبنان، والتي سيبدأ مجلس الوزراء من الخميس بترجمة عناوينها بمراسيم وقرارات، لا سيما في نص مقررات “سيدر” واقتراحات ورقة ماكينزي.
أخطر ما قيل في الاجتماع، الكلام الاقتصادي التقني، سواء على لسان وزير المال علي حسن خليل، الذي شرح الخيارات الاقتصادية والمالية بالأرقام، وفقاً لتقرير ضمنه إياها، ويتألف من 200 صفحة ونيّف.
في حين تحدث حاكم مصرف لبنان رياض سلامة عن الخيارات الصعبة ان لجهة القروض السكنية أو احتمالات السيطرة على استمرار سعر صرف الليرة اللبنانية، في حين ذهبت جمعية المصارف على لسان رئيسها سليم صفير إلى إعلان رفض تحميل القطاع المصرفي أية ضرائب جديدة.
والثابت ان الطبقة السياسية اعفت نفسها من الإجراءات المتعلقة بتخفيض الرواتب والمخصصات العائدة لها، أو رفع الحماية عن الأملاك البحرية وسواها، والاقتصاد ان تكون الاجراءات، ولو لم يعلن ذلك على حساب الموظفين وذوي الدخل المحدود.
وتضمنت ورقة وزير الاقتصاد منصور بطيش إجراءات غير شعبية بعضها يطال العاملين في القطاع العام لجهة تجميد الزيادة على الرواتب والأجور لمدة ثلاث سنوات مع الاحتفاظ بحقوق الموظفين وتدرجهم.
وزيادة الحسومات التقاعدية من 6 إلى 7 % للعاملين في القطاع العام، وزيادة الرسوم على السجائر بمعدل 500 ليرة للعلبة من الإنتاج الوطني و1000 للمستورد، والالتزام بسقف للتحويلات من الخزينة لمؤسسة كهرباء لبنان لا يتجاوز ألفا وخمسمئة مليار ليرة في العام 2020، وانجاز الشباك الموحد في الاستيراد والتصدير، وتصحيح المالية العامة وضبط الدين العام، وضع حد أدنى وحد أقصى لأسعار البنزين.
ومن الإجراءات المقترحة أيضا: اعتماد ثلاثة معدلات للضريبة على القيمة المضافة كما يلي:
- صفر بالمئة على السلع المعفاة حاليا.
- 11% على السلع غير المعفاة والمعتبرة من غير الكماليات.
- 15% على السلع المعتبرة من الكماليات على أن تحدد هذه السلع الكمالية لاحقا، مع إمكانية زيادة النسبة بعد ثلاث سنوات.
كما تقترح الورقة اجراء مناقصة عمومية عالية لشراء المحروقات لمؤسسة كهرباء لبنان ضمن دفتر شروط متكامل.
ووصف مصدر شارك في الاجتماع لـ “اللواء” ما يجري بمثابة “لحس المبرد” ما لم تكن الإجراءات قابلة للتنفيذ، في ظل استمرار الضغط الدولي المالي والعسكري على مصارف لبنان والقرار 1701 من قبل إسرائيل.
وخارج الإجراءات، طالب الدكتور سمير جعجع باعلان فشل الطبقة السياسية، وتشكيل حكومة اقتصاديين للخروج من الأزمة.. في وقت طالب فيه رئيس تيّار “المردة” سليمان فرنجية ببيع مرفأ بيروت وممتلكات الدولة للحد من العجز والمديونية.
وحسب مصادر المجتمعين، فإن كلا الاقتراحين شكلا مفاجأة، وفي الوقت نفسه قوبلا بالرفض.
وغرَّد النائب السابق وليد جنبلاط ان اجتماع بعبدا كان مفيداً، وان اقتراحات الرئيس عون والرئيس الحريري مقدمة لمعالجة الوضع، لكن علينا ان نواجه بكل واقعية الصعوبات الهائلة التي وردت على لسان حاكم مصرف لبنان ووزير المالية.
”سوق عكاظ” اقتصادي
وبحسب القرارات التي تلاها الرئيس الحريري بعد 4 ساعات من النقاش “وسوق عكاظ” اقتصادي والتبارى في ”اوراق العمل”، فإن اجتماع بعبدا، أو ما اصطلح على تسميته “بلقاء” الحوار الاقتصادي”، انتهى إلى إعلان حالة طوارئ اقتصادية ومتابعة ما تمّ اقراره في اجتماع 9 آب الماضي في قصر بعبدا، مؤكداً الاستمرار في سياسة استقرار سعر صرف الليرة وإقرار إطار مالي متوسط المدى يمتد على السنوات الثلاثة المقبلة، بما يشبه الرد على مقترحات صندوق النقد الدولي، والتي تضمنت أيضاً فرض رسوم إضافية على البنزين بمعدل 5000 ليرة، لم يؤخذ بها، وفق ما أكّد رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب محمّد رعد، الذي شدّد ان أهم ما خرج به اللقاء هو عدم فرض ضرائب جديدة ورفع سعر البنزين.
واقر المجتمعون أيضاً خفض عجز الكهرباء إلى 1500 مليار ليرة، لكن لم يعرف ما إذا تمّ إقرار زيادة التعرفة قبل أو بعد تأمينها 24 على 24، وفق ما طالب رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل الذي أعلن تحفظه على المقررات، فيما أعلن رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع تأييده للبيان – الطوارئ، ومعارضته في الوقت نفسه للورقة الاقتصادية التي قدمها الرئيس ميشال عون وتلاها نيابة عنه وزير الاقتصاد منصور بطيش، والذي سبق ان قدمها في مناسبة سابقة وتم الاعتراض عليها.
ودعا الاجتماع أيضاً إلى إقرار مجلس الوزراء لائحة مشاريع المرحلة المقبلة من برنامج الانفاق الاستثماري “سيدر” والاسراع في إطلاق المشاريع الاستثمارية في مجلس النواب والبالغة قيمتها 3.3 مليار دولار، ومناقشة وإقرار تقرير ”ماكينزي” ووضع آلية لتنفيذ التوصيات القطاعية الواردة فيه.
وأعلن الرئيس الحريري ان تنفيذ الإجراءات المقترحة في البيان ستكون سريعة، وبعضها سيتم اتخاذه في جلسة مجلس الوزراء الخميس المقبل، وستكون هناك جلسة أو جلستان اسبوعياً لمجلس الوزراء، إضافة إلى لجان مختصة، مشيراً إلى ان الانطلاق سيكون من خطة الموازنة الجديدة التي اعدها وزير المال علي حسن خليل وتريث في احالتها إلى الأمانة العامة لمجلس الوزراء بانتظار ما يمكن تضمينها من قرارات لقاء بعبدا، وسيتم تقديم هذه الخطة الأسبوع المقبل متضمنة بعض الإصلاحات المطلوبة، فيما هناك اجزاء أخرى من الإصلاحات ستقدم في موازنات العامين 2021 و2022.
ولفت إلى ان الورقة التي قدمها رئيس الجمهورية والمؤلفة من 49 بنداً (12 صفحة فولسكاب) تشكّل الركيزة الأساسية للاجراءات التي ستناقش في اللجنة التي سيترأسها تمهيداً لعرضها على مجلس الوزراء.