تحاول لجنة الاتصالات النيابية جاهدة إجراء التحقيقات اللازمة والشفافة في قضايا هدر في قطاع الاتصالات، وهذا الدور الذي يقوم به النواب هو الدور الأساسي الذي انتُخبوا لاجله، وهو الدور الذي لطالما غاب عنهم بسبب حكم الاحزاب نفسها في المجلس النيابي والسلطة التنفيذية، ولكن رغم ذلك لا تزال الصعوبات امام اللجنة كثيرة، واولها امتناع وزير الاتصالات محمد شقير عن حضور جلسات اللجنة مرارا، ومن ثم امتناعه عن تلبية طلب المدعي العام المالي علي ابراهيم الاستماع إليه.
اذا يحاول شقير من منصبه الوزاري ضرب القوانين عرض الحائط، فهو وإن كان قد اتصل مؤخرا برئيس لجنة الاتصالات النيابية حسين الحاج حسن ليعتذر عن حضور جلسة اللجنة التي كانت مقررة الاثنين الماضي، الا أنه غاب عن الجلسات سابقا بلا أعذار، وكان يوحي دائما من خلال تصريحاته بأنّ عمل اللجنة لا يعنيه، وهو نفسه الذي منع إدارة شركة “تاتش” من حضور جلسة للجنة المذكورة يوم الإثنين الماضي حيث كان يفترض مناقشة ملفها.
إن هذا التعاطي السلبي من قبل وزير الاتصالات مع النواب، والشركة، والقضاء كان قد اطلقه سابقا من خلال عملية شراء مبنى “تاتش” في وسط بيروت، حيث لعب وقتها الوزير دور “الملك” أو “الحاكم بأمره”، فلم يعنيه مطالبة وزير المالية علي حسن خليل له بعدم إجراء الصفقة، ولم يأبه لصراخ نواب، او اعتراض مسؤولين، او غضب شعب، فاشترى المبنى من صاحبه الذي كان يحتاج تقريبا الى نفس المبلغ الذي انتهت اليه المفاوضات لغايات معروفة، لن نأتي على ذكرها اليوم.
ويبدو ان رحلة استفراد وزير الاتصالات بالقرارات لن تتوقف، اذ كانت “النشرة” قد كشفت في مقال سابق بعنوان ” مملكة الخليوي لا تبالي بطلبات وزارة الاقتصاد: هل تعيش “الاتصالات” حكما ذاتيا؟”، أن وزارة الاقتصاد والتجارة التي طلبت من التجار والشركات ومنها شركتي الخليوي التعامل بالليرة اللبنانية في فواتيرها للخطوط الثابتة، او عمليات بيع البطاقات المسبقة الدفع، ولم تلق تجاوبا رغم الرسائل والمناشدات والمطالبات، ورغم بناء مطالبتها على مواد قانونية في قانون حماية المستهلك رقم 659 عام 2005، وتحديدا في المادتين الخامسة والخامسة والعشرين، وقانون النقد والتسليف في المادة 192 منه والتي تؤكد معاقبة كل من يمتنع عن قبول العملة اللبنانية.
ولكن الجديد هو ما تكشفه مصادر مطلعة عن شركتي الخليوي في لبنان، عبر “النشرة”، أنها ليست هي من يرفض القبض بالليرة اللبنانية، بل وزارة الإتصالات هي من ترفض ذلك رغم طلبات وزارة الإقتصاد الواضحة على هذا الصعيد، وهذا الأمر إن دلّ على أمر فعلى استفراد وزارة الاتصالات في قراراتها وتحدي الوزارات.
تؤكد مصادر متابعة أن دخول الدولار الى وزارة الاتصالات ومنها الى الخزينة هو أمر مهم، ولكن لا يجوز أن يكون الامر “فرضًا” على اللبنانيين، بحيث يصبحون في حاجة ماسة الى الدولارات لدفع فواتيرهم، فيقعون في الأزمة كما حصل في الأسابيع الماضية، وفي وقت يجب ان ندعم الليرة اللبنانية بكل الوسائل المتاحة. وتضيف المصادر عبر “النشرة”: “في 3 تشرين الاول الحالي راسل وزير الاقتصاد وزارة الاتصالات بشأن إلزام شركتي الخليوي بالتعامل بالدولار، وحتّى الآن لم يردّ وزير الاتصالات بجواب رسمي بعد، ربما لكونه كان خارج البلد، فهل سيردّ في الساعات المقبلة؟ ام سيستمر النسق التصاعدي لتحدّي شقير “الدولة” اللبنانية.