نشرت مجلة “ذي أتلانتيك” الأميركية، مقالاً تحدثت فيه عن المؤسس ورئيس شركة “أمازون دوت كوم” جيف بيزوس، الرّجل الأغنى في العالم، وتناولت خططته المستقبلية وتأثيراتها على المستوى العالمي. وقالت، أين ينتمي جيفري بيزوس، إلى أهم العمالقة التجاريين الأميركيين؟ أمثال أندرو كارنيغي الذي صاغ الفولاذ وبفضله بنيت السكك الحديدية والمدن، أم جون دي روكفلر الذي قام بتكرير 90 % من النفط الأميركي، ويزود الولايات بالكهرباء والضوء. أم إلى بيل غيتس الذي أنشأ برنامجاً يعتبر شرطًا أساسيًا لتشغيل الكمبيوتر.
في عمر 55 عاماً، لم يهيمن بيزوس بعد على الأسواق تمامًا، كما فعل هؤلاء الذين تم ذكرهم، ولكنّه اليوم هو أغنى رجل على هذا الكوكب، إلا أنه يتمتع بثروة أقل من “بيل غيتس” عندما كانت في ذروتها.
فيما نطاق إمبراطورية “Amazon” التي أسسها بيزوس وهو الآن رئيسها التنفيذي، لم يسبق لها مثيل في التاريخ الطويل للرأسمالية الأميركية.
ويسيطر بيزوس اليوم على ما يقرب من 40 % من جميع التجارة الإلكترونية في الولايات المتحدة. فيما يتم إجراء المزيد من عمليات البحث عن المنتجات في “Amazon” ،على موقع “Google”، مما سمح لشركة بيزوس ببناء أعمال إعلانية ذات قيمة ضخمة، مثل شركة “IBM” بالكامل.
وتشير إحدى التقديرات إلى أن شركة “Amazon Web Services” تتحكم بـ 42 % من مبيعات الكتب الورقية، وثلث سوق بث الفيديوهات، حيث تجذب شركة “Twitch” التّابعة لـ “أمازون” 15 مليون مستخدم يومياً.
وإضافة إلى “The Washington Post” فإن مجموعة بيزوس، منافسة لشركات “Disney ” و “AT&T”، وهذا الرجل اليوم بات أقوى رجالاً في مجال الثقافة الأميركية.
وجاء القلق للمرة الأولى حول قوة “أمازون” قبل خمس سنوات، عندما بدأت الشركة في تغيير مصطلحات لأعمال الناشرين، قبل إدراجها وبيعها في الموقع لجعلها أكثر ملاءمة للقرّاء.
وعندما رفضت شركة “Hachette” للنّشر، قبول مطالب ” أمازون”، تمت معاقبتها. فعمِلت “أمازون” على تأخير شحنات كتب “Hachette”، وعندما بحث المستهلكون عن بعض عناوين كتب من إصدار الشركة الأخيرة، قامت “أمازون” بإعادة توجيههم إلى كتب مشابهة من ناشرين آخرين.
وبرز ذلك في العام 2014، عندما كُتبت قصة على غلاف “ذا نيو ريبابليك” تحمل عنوانًا هجوميًا وهو: “يجب أن تتوقف أمازون”.
ومنذ ذلك الوقت، تمدّد بيزوس، ومع أنه بات عدواً للرئيس الأميركي دونالد ترامب، إلّا أنه أصبح للعديد من الأميركيين، ساحراً مفيداً للرّاحة والإدّخار.
وعلى مدار العام الماضي فقط، أعلنت “أمازون” عن خططها التالية: قالت إنها ستلائم مشتري المنازل المحتملين مع وكلاء العقارات وستدمج منازلهم الجديدة مع أجهزة “أمازون”.
وقالت أيضاً إنها ستُمكن مساعد الصوت “Alexa”، من الوصول إلى بيانات الرعاية الصحية، مثل الوصفة أو قراءة نسبة السكر في الدم.
وأعلنت “أمازون” أيضاً، خططاً لبناء مطار شحن على مساحة 3 ملايين قدم مربع قرب مدينة سينسيناتي بولاية أوهايو.
وكشفت أيضاً أنها، ستتبع آليّة التسليم في اليوم التالي، لأعضاء خدمة “برايم”.
وكشفت “أمازون”، أنها سوف تبدأ سلسلة جديدة من متاجر البقالة، تضاف إلى “Whole Foods” التي تمتلكها بالفعل.
وأعلنت أنها ستبث مباريات دوري البيسبول الرئيسي.
ومن أعظم خططها، نيّتها إطلاق أكثر من 3000 قمر صناعي إلى الفضاء، لتزويد العالم بإنترنت فائق السرعة.
وأصبحت مشاريع بيزوس الآن، كبيرة ومتنوعة، لدرجة يصعب فهم طبيعة إمبراطوريته، فلا نقطة لنهاية طموحاته.
والسؤال، ماذا يريد جيف بيزوس بالضبط؟ أو بعبارة مختلفة قليلا، ماذا يعتقد؟ وبالنظر إلى قوته على العالم، فهذه ليست أسئلة بسيطة.
ولكن الرّجل يحتفظ بنواياه لنفسه، وبالعودة إلى جميع مقابلاته خلال ربع قرن منذ بداية تأسيس “أمازون”، يتمحور حديث بيزوس حول نفس المواضيع مراراً وتكراراً.
في أي وقت، يحتوي موقع الويب الخاص به على أكثر من 600 مليون قطعة معروضة للبيع وأكثر من 3 ملايين بائع يبيعونها. وقامت “أمازون” بجمع دليل العالم الأكثر شمولية لرغبة المستهلك، والذي يسمح لها بتوقع الاحتياجات الفردية والجماعية.
وبفضل أعمالها اللوجستية – وشبكتها المتنامية من الشاحنات والطائرات – لديها القدرة على تصدير البضائع في جميع أنحاء العالم.
تظل شركة بيزوس موثوقة من قبل الجمهور. وجد استطلاع عام 2018 برعاية جامعة “جورج تاون” ومؤسسة “نايت” أن “أمازون” ولدت ثقة أكبر من أي مؤسسة أميركية أخرى. على الرغم من عداوة دونالد ترامب لبيزوس، فإن هذا الإيمان الواسع في الشركة يجعل منها مصدر إجماع من الحزبين، على الرغم من أن الديمقراطيين الذين شملهم الاستطلاع كانوا لمسة أكثر حماسة من الجمهوريين: لقد صنّفوا “أمازون” أكثر جدارة بالثقة من الجيش الأميركي، إذ إن “أمازون” تجسّد الكفاءة.
كل هذه الثقة في شركة بيزوس جعلته شخصية فريدة في الثقافة، والتي، في بعض الأحيان، تعتبره أوغوست بيكارد أحد أشهر العلماء على مرّ التاريخ.