لعل أخطر ما شهده لبنان منذ 17 تشربن الاول، تمثل في الفوضى المالية ووجود سعرين لصرف الدولار. الأسوا من ذلك ما شهدته فروع المصارف في مناطق معينة من استهداف بالكسر والتخريب وحرق الصراف الالي، مما يؤشر الى دخول الوضع مرحلة الخطر الشديد، فالأمور لم تعد محصورة بالاحتجاج و”لعب دق ورق” او افتراش أرض المصرف واقفال مدخله بشاحنة لسحب المحتجين لأموالهم.
الوضع بلغ سقفاً غير مقبول بعد مسلسل الاعتداء على المصارف، وما ليس مقبولا ايضا ان يُمنع المواطنون من تحصيل ودائعهم التي جرى تقنينها وحُددت ببضع مئات من الدولارات للسحب الاسبوعي. الأخطر من ذلك انه لم يتم توقيف احد من المعتدين على المصارف فعمليات الحرق تجري ليلا من قبل الملثمين، اما الأمن اليومي فمتوافر من خلال العناصر الأمنية التي تم فصلها من فترة لحماية موظفي المصارف وفض الاشتباكات بين المودعين وادارات البنوك.
الازمة المالية تُشغِل اللبنانيين اكثر من الهموم السياسية، فهم غارقون بالمشاكل المعيشية حتى ان التهديدات الحاصلة في المنطقة مع التحول الكبير بعد اغتيال قاسم سليماني وملامح حرب عسكرية بعد ان اعلن الامين العام ل”حزب الله” المواجهة لاخراج الوجود العسكري الاميركي من المنطقة، لا تحتل الأولويات. الأهم هو الانتهاء من “حكم المصرف” والافراج عن ودائعهم. فهل تتجه الامور الى حلحلة بعد تشكيل الحكومة؟ والسؤال الابرز كيف سيخرج لبنان من الأزمة المالية الاصعب في تاريخه، وكيف تستعيد المصارف الثقة بعد ان تشوهت سمعتها؟
العنف والاعتداء على المصارف ليس حلاً، المطلوب وضع خطة طوارىء مالية وشرح الوضع النقدي، واعطاء تطمينات للمواطنين بدل الهروب والتلطي بقرارات ارتجالية لا تجلب إلاّ المشاكل.