“إذا أردت أن تقتل شخصاً أطلق عليه شائعة”، فكيف إذا كان الهدف هو النقد والمصارف، عندها تتحول الجريمة إلى مجزرة. بالأمس إنشغلت المواقع الإخبارية ومنصات التواصل الإجتماعي بخبرين، يتعلق الأول بـ “هروب” حاكم المصرف المركزي رياض سلامة من لبنان إلى أميركا واستعداده لتقديم إستقالته من هناك. أما الخبر الثاني فكان أن “إدارة مصرف فرنسبنك أعلنت في شكل مفاجئ نيتها إعلان الإفلاس الكامل للمصرف بكافة فروعه. ويتوقع أن يتم الإعلان عن الإفلاس رسمياً غداً أو بعد غد على أبعد تقدير”.
الخبران كانا ليتحولا إلى “نكتة” قبل ثلاثة أشهر، فالحاكم واحد من أكثر الشخصيات التي كانت تحظى بالثقة في الداخل والخارج، وقد صنف بأكثر من طريقة وشكل وتعبير بأنه “ضمانة الليرة”، أما “فرنسبنك” فهو من أكبر المصارف ويُصنف أصحابه بأنهم من صانعي الإقتصاد اللبناني، إلا أنّ توقيت ظهور الشائعتين أرعب الجميع وجعلهم يتأهبون لإنهيار شامل لسعر الصرف و”تغييم” الدولار. ساعات من حبس الأنفاس إنتهت بتكذيب الأخبار، إلا أن مفاعيل الشائعات لم تنتهِ بعد. فإذا كان وجود رياض سلامة في سدة الحاكمية مرهوناً بتوازنات دقيقة في الداخل والخارج، فإن إطلاق شائعة على “فرنسبنك” لم يكن للأذية فقط بقدر ما أتى، بحسب المعلومات، نتيجة خوف مئات الموظفين في أحد معامل الصناعات الورقية في البقاع، من عدم ظهور رواتبهم “المحوّلة” إلى المصرف منذ نهاية الأسبوع الماضي في حساباتهم. فلم يتلقوا كما جرت العادة رسالة نصية تفيد بأنّ أموالهم أصبحت في الحساب، ولم يستطيعوا الولوج إلى نظام المصرف الكترونياً، كما أنّ كل محاولاتهم للاتصال هاتفياً لاستيضاح الأمر باءت بالفشل، ولم يُجب المصرف على اتصالاتهم.
التأخير في وضع الرواتب في حسابات الموظفين قد يكون مرده إلى خطأ تقني، إلا أنّ واقع إنعدام الثقة بالقطاع المصرفي واستمرار تجاهل المصارف وإداراتها لمخاوف المودعين والمتعاملين وتقديم أجوبة شافية لهم، هو في الحقيقة منبع الأخبار والشائعات… التي قد لا تبقى في المستقبل القريب في دائرة “الشائعات”.