أعلن وزير الصحة العامة جميل جبق، أمس، التوصّل إلى «حلّ جزئي ومؤقت» لأزمة استيراد المُستلزمات والمعدّات الطبية. ولكن، كيف؟ «عبر تثبيت سعر صرف الدولار على حدّ معين كي يتحمّل كل من المُستوردين والمُستشفيات عبء الأزمة (…)»، وفق ما ورد في الخبر الصحافي الصادر عن المكتب الإعلامي للوزير، لأنه «لا يمكن تحميل المريض صعوبة الأوضاع الاقتصادية المتردية وتراجع سعر العملة الوطنية إزاء الدولار».
لكنّ البيان «المطمئن» لم يشرح كيف يُمكن أن «يُقرّش» هذا الحل في ظلّ امتناع غالبية المصارف عن تنفيذ تعميم حاكم مصرف لبنان المتعلّق بفتح اعتمادات بالدولار لمُستوردي الدواء (بنسبة 85% على أساس سعر الصرف مقابل 25% يؤمنها المُستوردون من السوق السوداء)، ولمستوردي المُستلزمات والأجهزة الطبية (على أساس 50% على أساس سعر الصرف مقابل 50% يؤمنها المستوردون من السوق). كما أنه لم يشر إلى عدم صرف المُستحقات المالية المتراكمة للمُستشفيات الخاصة، وهو السبب الأساس وراء عدم قدرة إداراتها على تأمين حاجياتها أنّى كان سعر الصرف. ولم يعمد الوزير، عقب الاجتماع الذي عقده مع نقابة المُستشفيات الخاصة وممثلي الشركات المستوردة للأجهزة الطبية، إلى «تشريح» أسباب الأزمة المتفاقمة ليضع كل جهة أمام مسؤوليتها، بل إن جُلّ ما وعد به هو «السعي إلى حلّ نهائي لهذه الأزمة مع رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري»، مُقترحاً عقد إجتماع موسّع يضم مختلف المعنيين بأزمة المُستلزمات الطبية بدءاً من حاكم مصرف لبنان إلى المصارف والمُستوردين.
قياساً إلى إمكانياته، قد يكون إعلان جبق عن سعيه لإيجاد مخرج هو أقصى ما يُمكنه أن يفعله في ظلّ التعقيدات المالية والنقدية. إلّا أن الترويج لفكرة التوصّل إلى حلّ بهدف امتصاص النقمة والهلع إزاء تفاقم سوء أوضاع القطاع الصحي، لا يعدو كونه بيعاً للأوهام!
في اتصال مع «الأخبار»، شكر نقيب أصحاب المستشفيات الخاصة سليمان هارون وزير الصحة على الجهود التي يبذلها، «إلا أننا نعي أن الأزمة في مكان آخر، وهي ترتبط حصراً بتوفر السيولة وحصول المستشفيات على مُستحقاتها وفتح اعتمادات بالدولار واستئناف التسهيلات المصرفية». وبناءً على ذلك، فإن «الأزمة مُستمرة، ولا يوجد أُفق لحل قريب ما لم تتخذ إجراءات جدية وسريعة وجذرية». وهذا ما تؤكده مصادر الشركات المستوردة للمستلزمات والمعدات الطبية، مشيرة الى «أن ما أعلن عنه كحلّ هو ما تقوم به المُستشفيات والشركات لجهة تقاسم فرق سعر الصرف منذ بداية اندلاع الأزمة»، مُشيرةً إلى أن الحلّ الأساسي لدى الحكومة وحاكم مصرف لبنان.
المصادر أوضحت أن مستوردي المعدّات والأجهزة الطبية وُعدوا بأن تدفع وزارة المالية مستحقات المُستشفيات نقداً، فيما يجري العمل على تحديد موعد للقاء مع رئيس الحكومة المستقيل ووزارة المالية، والدفع باتجاه تطبيق تعميم مصرف حاكم لبنان لإضافة قطع غيار بعض المستلزمات الطبية ضمن المواد الأساسية التي تشملها التعاميم. وأشارت الى أن الربط بين دفع مستحقات المستشفيات والتسهيلات المصرفية لحل أزمة المعدات الطبية وتعثر عمل المُستشفيات يعود إلى «أن الإجراءين مرتبطان ويجب أن يكونا متلازمين لتدارك الأزمة».
وقبل اللقاء مع جبق، اجتمع وفد من ممثلي المُستشفيات الخاصة ومستوردي الأدوية مع المدير العام للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي محمد كركي لمطالبته بتعديل لائحة أسعار المُستلزمات والأجهزة الطبية المعتمدة لدى الصندوق بسبب أزمة سعر الصرف. هارون لفت إلى أن هذه اللائحة كانت أساساً تحتاج إلى تعديل قبل اندلاع الأزمة، فيما تؤكد مصادر الصندوق أن الوضع المالي للضمان حالياً لا يسمح له باتخاذ إجراء قد يزيد من العجز الذي يرزح تحته. وأبلغ كركي الوفد أن عليه العودة الى مجلس إدارة الضمان قبل إصدار أي قرار.
هديل فرفور – الاخبار