لم يعد أمام الحكومة اليوم، التي لا تكفّ عن رفع شعار تحويل الاقتصاد من ريعي الى إنتاجي، سوى التعويل على دعم الصادرات من اجل استقطاب العملات الصعبة، كونها لغاية اليوم لم تتخذ قرارات جريئة، جدّية وحازمة للتعامل مع أزمة شحّ السيولة الأجنبية.
بما انّ الصادرات الصناعية اللبنانية تُساهم في تدفق حوالى 3 مليارات دولار سنوياً الى البلاد، فإنّ تلك الاموال ستُستخدم في ظلّ عدم وضوح الرؤية حتى الساعة، في موضوع اعادة هيكلة الدين العام، والاكتفاء حتى الآن في تسديد استحقاقات السندات من اموال المودعين، في حين سيُستخدم ما تبقّى من احتياطي مصرف لبنان لدعم استيراد السلع الاساسية كالمحروقات، القمح، والادوية على أن تُضاف اليها السلع الاولية للصناعة.
في هذا الاطار، أوضح نائب رئيس جمعية الصناعيين زياد بكداش لـ”الجمهورية” انّ حجم الصادرات الصناعية يمكن، في حال تمّ تأمين الدعم اللازم لها وتمويل استيراد المواد الاولية المطلوبة، أن يرتفع من 3 الى 4 مليارات دولار سنوياً.
لكنّ بكداش شَكّك في إمكانية بلوغ حجم الصادرات الصناعية في العام الحالي الـ3 مليارات دولار بل توقّع تراجعها عن هذا المعدل نتيجة عدم إمكانية استيراد المواد الاولية، لافتاً الى أنه غير مؤمن بجدّية دعم الصادرات الصناعية، والدليل ما جاء في محضر اللقاء الشهري الاخير بين جمعية المصارف ومصرف لبنان، والذي أشار الى التدابير التي ينوي المركزي تعميمها، ومنها السماح بالتحويل الى الخارج لتمويل استيراد المواد الاولية للصناعة والزراعة ضمن سقف 0.5 في المئة من الودائع سنوياً. وشرح انّ نسبة 0.5 في المئة من اجمالي الودائع توازي 600 مليون دولار فقط سيتم تخصيصها لاستيراد المواد الاولية للصناعة، “وهو رقم غير كاف حيث كنّا قد طالبنا، بالاضافة الى الـfresh money التي يُسمح لنا بإعادة تحويلها الى الخارج، بـ300 مليون دولار هي قيمة المواد الاولية التي نحتاج اليها من اجل رفع صادراتنا وتلبية الاستهلاك المحلي”. وسأل: وفقاً لأيّة آلية سيتم توزيع الـ 600 مليون دولار؟
وأشار الى انّ الصناعة في حاجة ايضاً لرفع حجم المواد الاولية المطلوبة من أجل تلبية الاستهلاك المحلي المرجّح أن يرتفع نتيجة تراجع استيراد السلع، والذي أظهرت إحصاءات الجمارك تراجعه بحوالى 1.5 مليار دولار في 2019.
وخَتم بكداش مشيراً الى انّ الوضع الصناعي مأساوي جداً، لدرجة انّ بعض المصانع لجأ الى صيغة وقف العمل 3 أيام في الاسبوع لخفض الكلفة التشغيلية. كما انّ الشركات المورّدة توقفت عن منح الصناعيين تسهيلات في الدفع لمدّة 90 يوماً، وأصبحت تطالب بالدفع نقداً وقبل التسليم. وقال إنه باستثناء الصناعات الغذائية التي تؤمّن موادها الاولية من السوق المحلي، فإنّ الصناعات الاخرى تراجعت مبيعاتها بنسبة 50 في المئة في السوق المحلي نتيجة النقص في المواد الاولية.
إستعادة 2.3 مليار دولار
أمّا النقطة الاخرى التي يمكن التعويل عليها لاستقطاب الدولارات الى البلاد، فهي استعادة الاموال التي تمّ تحويلها الى الخارج بعد اندلاع الثورة وإقفال المصارف، والتي كشف النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات، أمس، أنّ “كتاب لجنة المصارف أفاد بوضوح بتحويل مليارين و276 مليون دولار من حسابات أشخاص من مصارف لبنانيّة إلى عدد من البنوك السويسريّة، كما نُقل أيضاً عن رئيس مجلس النواب نبيه بري قوله أمس “إنّ 5 مصارف حَوّل أصحابها أموالهم الشخصية إلى الخارج وقد بلغت مليارين و300 مليون دولار”.