مع بدء الازمة المالية في تشرين الاول 2019، لجأ العديد من المودعين الى تهريب أموالهم و تحريرها من قبضة المصارف المحكمة لاجئين الى الاستثمار في العقار كوسيلة لتحقيق ذلك. لا يمكن لأحد نسيان مقولة أو إن صحّ التعبير أسطورة أن أسعار العقارات في لبنان ترتفع ولا تنخفض أبداً. لكن منذ العام 2013 ولغاية منتصف العام 2019 المنصرم، تبدّدت هذه الصورة لا بل انكسرت، فخلال الأزمة العقارية تهافت المستثمرون في العقار على تقديم حسومات لامست حدود الـ 60% في بعض المناطق في محاولة منهم لتحريك هذه السوق المجمّدة منذ سنوات. كان ذلك قبل أن تُغيّر الازمة النقدية غير المسبوقة المسار الانحداري للعقارات من جديد وتعيد الطلب عليه من بوّابة أن المطوّرين لا سيما الذين يرزحون تحت وطأة ديون هائلة للمصارف يفضّلون تجييرها الى شيكات أو “مال نظري” وهو في كلتا الحالتين بعيد عن متناول أيديهم، وبالتالي تقليص محفظة ديونهم للمصارف. ساهم هذا التوجه بعودة الحركة ولو جزئياً الى القطاع العقاري متسبّباً برفع بسيط في الاسعار.
لكن وبحسب الخبراء فإن هذا الارتفاع لن يدوم طويلاً خصوصا وأن هناك الكثير من المطورين العقاريين المتحررين من القروض المصرفية يفضلون الاحتفاظ بعقاراتهم بدلاً من تسييلها شيكات غير قابلة للصرف. لقد ساهمت هذه الصيغة بتقليص نسبة من الديون المشكوك في تحصيلها كما وشكلت منفذاً لكثر لتنويع محفظاتهم وتخفيض المخاطر المحتملة من الـ haircut المرتقب على الدولارات. لكن في الواقع، لم تساهم هذه “الفتوى” في بثّ الحياة في الدورة الانتاجية لذا من المتوقع أن تعود السوق العقارية لتعاني من انتكاسة جديدة في وقت قريب.
في هذا الصدد، تشير الأرقام الصادرة عن وزارة المالية إلى أن 10834 صفقة عقارية تمت خلال الشهرين الأولين من العام 2020 الجاري، ما أدى إلى زيادة بنحو 38% مقارنة مع العمليات التي سجلتها الفترة عينها من العام 2019.
ذلك يعني أنه وعلى أساس شهري، بلغ عدد المعاملات العقارية 6166 في شباط الماضي بعدما كان 4668 خلال كانون الثاني. يعكس الارتفاع في عدد الصفقات العقارية ارتفاع الطلب على العقارات لاعتبارها وسيلة لتهريب الودائع المحتجزة في المصارف، حيث فضل مودعو المصارف تنويع أصولهم. وفي التفاصيل، استحوذت منطقة بعبدا على العمليات العقارية مسجلة 2110 صفقات بيع أي ما يمثل 19.5% من اجمالي الصفقات. يتبعها الشمال بـ 1530 صفقة (14.1%)، ثم قضاء المتن بـ 1432 صفقة (13.2%)، ومنطقة كسروان بـ 1310 صفقة (12.1%)، والجنوب بـ 1303 صفقة (12%) ؛ من جهتها سجلت منطقة زحلة 1178 صفقة (11%) وبيروت 904 صفقات (8.3%) أما النبطية فـ 739 صفقة (6.8%).
في الاطار عينه، بلغ إجمالي المعاملات العقارية 1.8 مليار دولار في الشهرين الأولين من العام 2020 فسجل زيادة بنسبة 68% من 1.1 مليار دولار مقارنة مع الفترة عينها من العام 2019. على أساس شهري، بلغ حجم المعاملات العقارية مليار دولار في شباط 2020، ارتفاعًا من 756.8 مليون دولار في كانون الثاني ومقارنةً بـ 1.1 مليار دولار في كانون الاول 2019. على سبيل المقارنة، بلغت قيمة الصفقات 504.7 ملايينن دولار في كانون الثاني و 551.3 مليون دولار في شباط 2019.
في موازاة ذلك، بلغ متوسط المبلغ لكل معاملة عقارية 163,629 دولارًا في الشهرين الأولين من العام 2020، بزيادة قدرها 21.8%. علاوة على ذلك، تم تنفيذ 166 صفقة عقارية من قبل الأجانب في الشهرين الأولين من العام 2020، مما يشكل زيادة بنسبة 11.4%. وقد تم احتساب الصفقات العقارية من قبل الأجانب بنسبة 1.5% من إجمالي المعاملات العقارية في الفترة المشمولة.