في المقابل، كان عضو جمعية المصارف، ورئيسها السابق جوزف طربيه يؤكد لـ«الأخبار» أن عمليات شحن الدولارات الورقية توقفت لأن المصارف تجلب النقود بحقائب في طائرات الركاب لا في تلك المخصصة للشحن. الدولة، ممثلة بمصرف لبنان ووزارتَي المال والاقتصاد، فضلاً عن رئاسة الحكومة، لا تزال صامتة حيال ما يجري، كما لو أنها غير مسؤولة تجاه المواطنين المسلوبة ودائعهم.
في المصارف، ثمة من يؤكد كلام مكتّف، في مقابل من يؤكّد كلام طربيه. إدارة الجمارك يمكنها حسم الجدل، بما أن الأموال المشحونة ينبغي أن تُسجّل في قيودها. مصادر رسمية في الجمارك أكّدت لـ«الأخبار» أن آخر شحنة نقود دخلت إلى لبنان عبر مطار بيروت يوم 17 آذار 2020، وأنها كانت الشحنة الخامسة والثلاثين منذ الأول من آذار.
كشف الكاذب في هذه القضية ليس المهم. المهم أن الودائع محتجزة، فيما المصارف تشتري الدولارات من مصرف لبنان، بالمليارات، لأهداف «مجهولة». المنطقي أن هذه الأموال تُهرَّب إلى الخارج، أو تستخدم لتحويل ودائع «كبار الزبائن» من الليرة إلى الدولار. لكن مصادر في المصارف تزعم أن ما يجري هو عملية «حسابية دفترية»، هدفها إعفاء المصارف من الاستدانة بعضها من البعض الآخر، ليوم واحد، بفوائد مرتفعة وصلت في بعض الأحيان إلى 100 في المئة! ثم تضيف المصادر، في ما يُشبه الأحجية، إن المصارف تعيد توظيف الدولارات التي تشتريها من مصرف لبنان في مصرف لبنان! هندسة مالية جديدة؟ تنفي المصادر ذلك. ما هو إذاً؟ «عملية حسابية دفترية»، وكفى!
خلاصة الأمر أنه كما بشأن شحن النقود، كذلك في ما يخص شراء مليارات الدولارات (نحو 3.6 مليارات دولار) في أيام قليلة (يوم أمس ويوم 30 آذار 2020)، تبقى الأسرار مصانة بين مصرف لبنان والمصارف، بلا أي توضيح. مليارات الدولار تطير على الشاشات، فيما المودعون عاجزون عن سحب ولو 100 دولار من جنى أعمارهم.
حجز الودائع بالدولار: الكذب مستمر
صاحب كبرى شركات شحن النقود، ميشال مكتّف، خرج ليكذّب المصارف، قائلاً إنه مستمر في عمله بنقل الأموال من الخارج إلى لبنان، وإن إقفال المطار لم يحل دون استمرار طائرات الشحن، مع العلم بأن شركة مكتّف تسيطر على أكثر من 50 في المئة من سوق شحن النقود، وأنه يؤكد أن أكثر من 90 في المئة من المصارف تتعامل مع شركته.