بدأت ردود الفعل الأولية على قرار مصرف لبنان للمصارف بدفع أرصدة الحسابات الصغرى الى أصحابها بما يحتاج الى ورشة لوجيستية مصرفية كبرى قد تستمر أكثر من الثلاثة أشهر التي حددها القرار لإنجاز هذه العمليات المعقّدة التي تشمل 1.7 مليون حساب، مجموعها حوالى 800 مليون دولار، تشكّل حوالى 62% من العدد الكلي لمجموع حسابات المصارف بالليرة أو بالدولار.
يضاف إلى ذلك، أن سعر الصرف الذي تحدّد حتى الآن بـ2600 ليرة للدولار ليس نهائيا وذلك بانتظار السعر الذي يعتمده مصرف ويبلغه إلى مصرف لبنان، ما سوف يستهلك الكثير من الوقت، حيث السعر المحدد حسب التعميم مرتبط بحركة السوق. والسعر الذي يحدّد اليوم قد يرتفع أو ينخفض غدا. وهذا ما سيكون عاملاً اضافيا في تأخير تنفيذ القرار، بانتظار ايجاد حل لهذه الثغرة في التعميم الذي يتولى بموجبه مصرف لبنان والمصارف وكبار الصرافين متابعة العرض والطلب، من خلال منصة التداول الالكترونية في هيئة الأسواق المالية التي يرئسها حاكم مصرف لبنان.
ومن عوامل التعقيد والتأخير أيضاً ان هناك مصارف من حيث حجم السيولة، قادرة على اعادة ودائع دولارية ولو صغيرة ولو بالعملة اللبنانية، فيما هناك مصارف اخرى تعترض منذ الآن على اعادة الوديعة بمعدل الصرف الذي تحدّد مبدئيا بـ2600 ليرة للدولار. وهناك مصارف صغيرة من خارج لائحة المصارف الـ12 أو الـ15 مصرف الأولى (BANKS ALPHA) تنتظر كم سيكون سعر الصرف النهائي لاسيما ان السعر في السوق الموازية لامس باب الـ3000 ليرة.
وهناك من جهة ثانية، تساؤلات عدّة منها هل يمكن أمام هذه العراقيل والتحفّظات من بعض المصارف، تحديد سعر صرف موحد لهذه العمليات سواء السعر المبدئي بـ2600 ليرة أو أقل أو أكثر في حال أدّى ارتفاع الطلب في السوق الى سعر أعلى سعر، وهل بانتظار هذا الحل إضافة الى الوقت الطويل الذي سيستغرقه تنفيذ هذه العمليات يُمكن إنجاز معاملات آلاف الحسابات الصغرى التي شملها التعميم.
وأخيراً ماذا عن الحسابات المتوسّطة والكبرى؟، وهل سيصدر تعميم آخر يُعيد ولو جزءاً منها بالليرة اللبنانية بسعر صرف السوق سواء 2600 ليرة أو أقل أو أكثر؟
الجواب عند بعض المصارف هو أنّ ما ينطبق على ودائع صغرى ضمن سقف الـ5 ملايين ليرة أو الـ3000 دولار مجموعها الإجمالي 800 مليون دولار، لا ينطبق على ودائع متوسّطة وكبرى أخرى من مجموعها الاجمالي البالغ حوالى 155 مليار دولار (بعد أن كانت حوالى 175 مليار دولار سدّدت المصارف جزءاً منها بالسحوبات الدولارية الأسبوعية أو الشهرية وحُوِّلَ منها جزء إلى الخارج تهريبا أو قانونا) ومن هذا الإجمالي هناك 80 مليار دولار تعود الى 0.83% فقط من مجموع المودعين الذين لا يمكن للمصارف في الوقت الحاضر (باحتياطياتها القليلة الباقية) إعادة إيداعاتهم اليهم سواء الجزء منها المتعلق بالدولار، بسبب شح السيولة الدولارية، أو حتى بالليرة اللبنانية تجنباً للتداعيات التضخمية.
… ودائماً بانتظار حلول أخرى قد ترسو على تحويل جزء منها لأصحابها، إنما بشكل أسهم في مصارف كبرى تولد من ادماج مصارف صغرى.