بعد “بِدَع” لبننة الودائع بالعملة الصعبة وتسييل العقارات دولارات، وغيرها من القرارات الاعتباطية الاستنسابية، وفي خضمّ الأزمة المالية – النقدية التي تعصف بالبلد، تستمرّ المصارف بإجراءاتها الوقحة المخالفة لكلّ القوانين المرعيّة الإجراء. والجديد بحسب المستندات التي حصلت عليها “نداء الوطن”، هو ما تمثّل بقيام أحد أكبر المصارف بإطلاق تدبير أحادي استنسابي عبر إبلاغ عدد من مودعيه بأنه يمتلك الحرية المطلقة إزاء عملية إعادة الوديعة لدى استحقاق أجلها بالطريقة التي يراها مناسبة.
وبهذا المعنى، يتبيّن أن المصرف المعني يحاول أن يسطو على هذه الودائع من خلال إيهام المودعين بأنهم وقّعوا على عقد يجيز له تسديد قيمة الوديعة بسندات اليوروبوندز، مع الإشارة إلى أنّ الجزء الأكبر من المودعين لم يكن مطلعاً على وجود هكذا بند تعسفي في العقود. لكن، ما فات هذا المصرف، بحسب الخبراء، أنه ملزم قانوناً بردّ الوديعة بالحالة التي سُلّمت إليه، وأنّ أي بند منصوص عليه بخلاف ذلك إنما هو باطلٌ بطلاناً مطلقاً وفقاً للمادة 21 من قانون حماية المستهلك، وبالتالي فإنّ مجرّد توقيع العميل لا يعني أن كل ما في العقد يسري بمفاعيله القانونية.
إذاً، لم تتعلّم المصارف اللبنانية من الأخطاء والارتكابات التي أوصلتها إلى محاكم نيويورك، فها هي اليوم تضع نفسها عرضة للوقوف أمام المحاكم المحلية حيث سيحق لكل صاحب وديعة التقدم بدعوى إعلان توقف المصرف عن الدفع، وبالتالي إشهار دعوى إفلاس بحقه.