هل خفّ الضّغط عن احتياط مصرف لبنان بالدولار، خصوصاً أن المؤتمر الدولي لمساعدة ودعم الشعب اللّبناني الذي عُقِدَ أمس، خصّص مساعدات إنسانية للشّعب اللبناني، ولا سيّما على المستويَيْن الغذائي والطبي؟
وبالتالي، ما عاد همّ تأمين المواد الغذائية والطبية ضاغطاً على مصرف لبنان، مثلما كان عليه الحال في السابق. فهل يُمكن تخفيف الضّغط عن المودعين بموازاة ذلك، أم ان الإنهيار الذي وصل إليه لبنان، وعَدَم فكّ الحصار السياسي عن الدولة اللّبنانية بسبب عدم تطبيقها الإصلاحات المطلوبة منها دولياً، سيترك الهريان المالي على حاله؟
وهل من إمكانيّة لتدويل الملف المالي اللّبناني، في ما يتعلّق بودائع اللّبنانيّين حصراً، على طريقة المساعدات الغذائية والطبيّة، لأسباب إنسانية أيضاً؟
الى الدرجة الثّانية
أشار الخبير المالي والإقتصادي البروفسور جاسم عجاقة الى أن “موضوع الدولار وسعر صرفه انتقل الى الدرجة الثانية في سلّم الإهتمامات الجديدة في لبنان، في الوقت الرّاهن”.
ولفت في حديث الى وكالة “أخبار اليوم” الى أنه “حتى ولو كانت لدينا كمية من الدولارات أكبر من تلك التي تشكل الآن احتياط مصرف لبنان بالدولار، والتي تبلغ 19 مليار دولار، فما هي حاجتنا الكبيرة إليها حالياً بعد الدمار الكبير الذي لحِق بمرفأ بيروت في الانفجار، والذي جعل عمليات الإستيراد في لبنان غير ممكنة بسهولة، بالمعنى المُتعارَف عليه إقتصادياً؟ وبالتالي، من أين سيستورد لبنان حالياً؟ وعن أي طريق؟ وهو ما يجعل ملف الدولار عموماً يتراجع في سلّم الأولويات الداخلية الجديدة”.
تخفيف ضغط
وعمّا إذا كانت المساعدات الدولية الإنسانية، الغذائية والطبية تحديداً، ستخفّف الضّغط عن الإحتياط الباقي من دولارات مصرف لبنان، وإمكانيات الإستفادة من ذلك، أوضح عجاقة:”المساعدات الإنسانية الدولية تُريح احتياط مصرف لبنان بالدولار، طبعاً. ولكنّنا نذكّر أنها مساعدات عينية لا مالية، أي اننا لا نتحدّث في تلك الحالة عن تحاويل خارجية بالدولار الى لبنان، وهو ما لا يسمح بإعادة ترتيب الوضع المالي في لبنان بمستوى رسمي وكامل”.
وشرح:”احتياط مصرف لبنان بالدولار، الذي يبلغ 19 مليار دولار، لا يُمكنه أن يفقدها بحجة الإفراج عن الودائع المصرفية، خصوصاً أن حاجة الشعب اللبناني الى الدولار تغيّرت جذرياً بعد الحالة التي وصل إليها البلد، بموازاة وقف الإستيراد حالياً. وبالتالي، ما هي الحاجة الكبيرة بَعْد للدولار، خصوصاً أن الشعب اللبناني المنكوب يتلقى مساعدات إنسانية لأساسياته من الخارج، وبالتالي تراجعت أسباب حاجة النّاس الى امتلاك الدولار مباشرة”.
وقال:”لإعادة ترتيب الوضع المالي عموماً، يحتاج لبنان الى ضخّ أموال للإستثمارات بنحو 10 مليارات دولار. فبمجرد أن يتمّ ضخّ الأموال تلك في الإقتصاد، تنتعش الماكينة الإقتصادية من جديد، وهذه تنعكس إيجابياً على الإحتياط اللّبناني بالدولار في ما بعد”.
تدويل الملف المصرفي؟
وأشار عجاقة الى أن “المعروف هو أنه كان يتوجّب على الحكومة أن تأخذ عدداً معيّناً من الإجراءات، وذلك بحكم أنه يُفتَرَض أنها حكومة تكنوقراط، تحمل خطة عمل تمزج الخطوات الضرورية والسريعة للإصلاح، التي لديها نتائج مباشرة على تحفيز النمو مع البُعد الاستراتيجي أي الخطط الاستراتيجية، لحلّ الأزمة. ولكن هذا غير موجود في لبنان حتى الساعة، مع الأسف”.
وأضاف:”الخطأ الأساسي هو أنهم أوقفوا دفع سندات اليوروبوندز. وهذه هي أمّ المشاكل بالنّسبة الى ارتفاع سعر صرف الدولار”.
وردّاً على سؤال حول إمكانية تدويل الملف المصرفي بطريقة معينة، لأسباب إنسانية لاحقاً، أجاب:”لا أبداً. لا شيء دولياً تجاه لبنان في الوقت الحالي، إلا ضمن إطار المساعدات الإنسانية التي حُدِّدَت في شكل أساسي بالمواد الغذائية والطبية والتربوية”.
وختم:”كلّ الأمور الأخرى، بما فيها إعادة الإعمار المُتكامل، تعود الى الشروط الطبيعية التي هي أن تقوم الدولة اللّبنانية بالإصلاحات، وتنأى بنفسها عن الصراعات الإقليمية”.
“اخبار اليوم”