في وقت تتجه فيه السعودية لتعزيز مكانتها العالمية من حيث الإنتاج الصناعي وزيادة الفرص المتاحة للتنويع الاقتصادي للبلاد، يرى مختصون أن موافقة مجلس الوزراء السعودي على تحويل البرنامج الوطني لتطوير التجمعات الصناعية إلى مركز وطني للتنمية الصناعية، سيحقق قفزة صناعية نوعية مطلوبة، ويزيد مساهمة القطاع في الناتج الإجمالي المحلي من 5 في المائة إلى 20 في المائة، وفقاً لـ«رؤية 2030».
ورجّح اقتصاديون أن هذه الخطوة ستعزز 6 مرتكزات أساسية مطلوبة في القطاع الصناعي، تشمل بجانب زيادة مساهمة إجمالي الناتج المحلي، توليد فرص عمل أكثر في القطاع الخاص، وزيادة حجم صادرات الوطنية إلى الأسواق العالمية بتنافسية عالية، بالإضافة إلى زيادة مساهمة المحتوى المحلي وتعزيز الاستثمارات غير الحكومية، فضلاً عن تعظيم العوائد الإضافية غير النفطية.
من جهته، قال الدكتور محمد بن دليم القحطاني، أستاذ الإدارة الدولية، لـ«الشرق الأوسط»، إن موافقة قرار مجلس الوزراء السعودي على تحويل البرنامج الوطني لتطوير التجمعات الصناعية إلى مركز باسم «المركز الوطني للتنمية الصناعية» يأتي في إطار استشعار اهتمام الحكومة بالقطاع، الذي تعول عليه «رؤية 2030» كأحد القطاعات الرافدة للنهوض بالاقتصاد وتعزيز قيمة الصادرات غير النفطية. وتوقع القحطاني أن يُحدث المركز تأثيراً إيجابياً من حيث الوقوف عن قرب حول متطلبات المصانع السعودية، التي يتجاوز عددها 7 آلاف مصنع في مختلف النشاطات، بفتح الباب أمامها للتقصي والبحث لإيجاد المعلومات الصناعية الدقيقة في ذات المجال وتبني مبادرات ترفع من جودة الإنتاج وتعطي قيمة تنافسية على المستويين المحلي والدولي.
وأوضح القحطاني أن التوجه الجديد سيمكن الصناعات من الاستفادة من التدفق المعلوماتي الدقيقة والتغذية العكسية من المستهلك الدولي ليساهم ذلك في إعادة هيكلة البنى الإنتاجية، ورفع مستوى التقنية الصناعية وفتح آفاق للتسويق الإلكتروني، للوصول إلى منافذ التوزيع لكل مكان من القرية الكونية.ولفت القحطاني إلى أن مساهمة القطاع الصناعي في الناتج الإجمالي المحلي ستعزز مع هذه الخطوة؛ حيث برأيه لا تزال مساهمته متواضعة إذا تم استبعاد المنتجات البتروكيماوية والشركات والمصانع شبه الحكومية، مرجحاً أن تزيد الخطوة مساهمة القطاع من نسبته الحالية التي تبلغ أقل من 5 في المائة لترقى إلى طموحات «رؤية 2030» حتى تصل إلى 20 في المائة.
وتوقع القحطاني أن تسرع خطوة المركز الصناعي من نمو هذا القطاع، وبالتالي زيادة مساهمته بشكل متسارع، ما من شأنه أن يقلل نسبة البطالة، فضلاً عن تعزيز آليات البحث والتطوير وخلق صناعات وليدة، تنسجم مع الاقتصاد المعرفي الحديث الذي يقوم على الإنسان والذكاء الاصطناعي.
من ناحيته، أوضح فهد الحمادي، عضو الغرفة التجارية الصناعية بالرياض وعضو مجلس المركز الوطني للدراسات والبحوث الاجتماعية بوزارة العمل، أن تحويل البرنامج الوطني الصناعي إلى مركز مستقل، يعد خطوة مهمة في تحقيق استراتيجية الصناعة الوطنية 2030 لبناء منظومة تصنيع مستدامة وتنافسية ومتنوعة تعزز مساهمته في الاقتصاد السعودي.
وتوقع الحمادي، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن يحقق المركز متطلعات تعزيز مجالات الصناعة الرئيسية، والتي تشمل التقنيات الرئيسـية الناشئة واستخداماتها وإنشاء جهات وطنية تنافسـية عالمية وتحسين أداء قطاع الصناعات الدوائية والحيوية بشكل أكبر لتحقيق زيادة كبيرة من حيث القيمة المضافة المحلية، بجانب صناعات مبتكرة، مع تعزيز القدرات الحالية وسياسات المحتوى المحلي المحسنة الخاصة.
ويستطرد الحمادي: «ستكون الفرصة مواتية بشكل أفضل من حيث تطوير المجمعات الصناعية وتغطية الطلب الداخلي على النتاج المحلي، والتصدير إلى أسواق جديـدة، مع تشـجيع النمـو الصناعـي عبـر تطويـر مشروعات المنتجات الأولية، بجانب المنتجات النهائية، يناسب التحول الكبير في السياسة والمنهجية الصناعية الوطنية المنشودة».