ما إن فاض عدّاد كورونا بالإصابات، حتى بدأ التفكير بـ«عدّة» المواجهة. كان من الصعب ترك الأمور للمستشفيات وحدها، وهي بالكاد قادرة على تلبية الحالات التي تستدعي تدخّلاً عاجلاً. وفي الوقت نفسه، كان ثمة مصابون كثر يحتاجون للعناية من دون عناء التدخّل الطبي. من هنا، كانت الخطة الحكومية باستحداث مراكز للحجر في إطار النطاقات البلدية، كإجراء للتخفيف من الضغط على القطاع الاستشفائي. وبحسب الخطة، كان على البلديات تأمين مراكز ملائمة لحجر المصابين والمشتبه بإصابتهم. هكذا، استُحدثت في نطاق عدد من البلديات الكبيرة مراكز للحجر، منها واحد في نطاق بلدية الغبيري.
عندما بدأ المركز بالعمل أواخر تموز الماضي، كان الوعد بـ«ألّا تُترك البلديات وحيدة في مواجهة هذا الأمر»، على ما يقول رئيس البلدية معن الخليل. على هذا الأساس، «استأجرنا مبنى مقابل بدلٍ شهري يبلغ 70 مليون ليرة»، ناهيك عن متابعة يوميات المحجورين طبياً ولناحية تأمين المأكل والمشرب، والمتابعة اليومية للمعزولين في بيوتهم ضمن نطاق البلدية.
دخل المركز شهره الثاني بـ70 مليوناً أخرى، اقتطعتها البلدية من موازنتها. وخلال تلك الفترة، وجّهت كتباً إلى الجهات المعنيّة، من لجنة متابعة التدابير والإجراءات الوقائية لفيروس كورونا إلى وزارتي الصحة والداخلية ومحافظة جبل لبنان، غير أنها لم تلقَ إجابة. بحسب الخليل، «تحملت البلديات هذا العبء، في إطار تكليف من الحكومة عبر وزارة الداخلية، ولم يكن في الحسبان أننا سندفع نحن». لكن هذا ما حدث. تُركت البلديات تواجه فيروس كورونا وحيدة ضمن نطاقها، ولم تنَل من الدعم «سوى فريق من الممرضين مكلّف من منظمة الصحة العالمية». وفي ما عدا ذلك، «كان كله مطلوباً منا». وزارة الداخلية والبلديات، التي يفترض أن البلديات تابعة لها، لم تُجِب على أي من المراسلات.
أعلنت بلدية الغبيري إغلاق مركز الحجر في نطاقها في 20 من الجاري
اليوم، تطالب البلديات الوزارة بصرف مستحقاتها (آخر دفعة وصلتها كانت عن حسابات عام 2017) لتلبية متطلبات مراكز الحجر. أما وزارة الصحة العامة فتعتبر هذه المراكز «من مهام البلديات، ومن المفترض أن تجلب دعماً لها من فعاليات المنطقة».
في ظل ترك البلديات وحيدة في المواجهة، قرر بعضها التخلي عن المهمة بسبب العجز عن تسديد نفقات مراكز الحجر. وفي هذا الإطار، أعلن الخليل أن تاريخ العشرين من الجاري «سيكون آخر يوم عمل في المركز، إذ لم يعد يمكننا استئجار المبنى ودفع مستحقات العاملين واحتياجات المحجورين». ومثله «ستفعل مراكز أخرى»، على ما يقول، مشيراً إلى تواصله مع بلديات أخرى تمرّ بالظروف نفسها.