تظاهرة للماشية في وسط بيروت، ظاهرة غريبة في ظل «الغرائب» التّي تهزّ لبنان. أصحاب المواشي والمزارعون حضروا منذ أيّام مع ماشيتهم لتظاهرة احتجاجاً على قرار وزير الاقتصاد راوول نعمة برفع الدعم عن المنتجات الزراعية والحيوانية. أثار إعلانه موجة رفضٍ وعلت الصرخات من كلِّ حدبٍ وصوب. ما تداعيات رفع الدعم عن المنتجات الزراعيّة والحيوانيّة على المزارعين وعلى المواطن؟
«قرار كارثي، إعدام للقطاع الزراعي»، شدّد رئيس تجمّع المزارعين والفلاحين في البقاع ابراهيم الترشيشي على تلك العبارة التي تؤكّد بشكلٍ قاطع رفض القرار.
موجاتٌ رافضة
أكّد التّرشيشي أنّ «وزير الإقتصاد لم يسمح للقطاع الزراعي بالاستفادة من أي دعم للمستلزمات الزراعية، بل على العكس كان يدعم استيراد منتجات زراعية نحن ننتجها في لبنان، وهذا أمر غريب جدًّا، المفروض دعم الزراعات المحلية وليس استيراد مثيل لها».
المطلوب بحسب الترشيشي هو «دعم طويل الأمد لكلّ المستلزمات الزراعية والحيوانية من أسمدة وأدوية وبذور ومعدات، والتوقف عن دعم استيراد الحبوب في لبنان، باستثناء القمح، مما يؤمّن انخفاض كلفة الانتاج، وبالتالي الأسعار للسوق المحلية ستنخفض، ممّا يعزز القدرة الشرائية للمستهلك المحلّي».
«ما حسّينا بشي إسمو دعم»، أكّد الترشيشي أنّ كيلو البطاطا سيرتفع سعره فوق ال 2500 ليرة بعدما كان في سعر الجملة 1500 ليرة وفي السّوق 1700 ليرة ما سيترتّب كأعباء إضافيّة على المواطن وسيظلّ المزارع في خسارة.
تحديد أسعار بعض السلع الحيوانية والزراعية
وكانت وزارة الاقتصاد والتجارة، اقدمت بالاشتراك مع وزارة الزراعة، بتحديد أسعار بعض الّسلع من المنتجات الحيوانيّة والزراعيّة للمستهلكين على سبيل المثال:
كيلو الفروج الكامل 12000 ليرة، كيلو جوانح دجاج على أنواعه كافة 11000 ليرة، سعر لحمة بقر فاكيوم 29000 ليرة، فيله بقر فاكيوم 40000 ليرة، لحم بقر صافي عجل كامل 36075 ليرة،لحم غنم بيلا فخذ مجروم 40950 ليرة، سعر كرتونة البيض30 بيضة 12500 ليرة، ويُحدّد سقف سعر ليتر الحليب السائل الطازج المسلم من المزارع بسعر 1700ليرة…
رافضون ولن نلتزم!
تحديد أسعار بعض السلع الحيوانية والزراعية قوبل بالرفض أيضاً. بحسب رئيس نقابة مربي الأبقار في لبنان المهندس خير الجرّاح سعر 1700ليرة لليتر الحليب غير منطقي نهائيّاً. وأكّد عدم إلتزام النقابة بالقرار وبالتّسعيرة الجديدة إذ أنّ تكلفة إنتاج كيلو الحليب هي حوالي 2800 ليرة. والسّبب يعود للأزمة الإقتصاديّة التي يمرّ بها لبنان إذ أنّ المربّي لا يزال يتعامل بالعملة الأجنبية لاستيراد الأدوية البيطريّة والإضافات العلفيّة، واللّقاحات. كما وحذر من ان المسّ بالدّعم على الأعلاف، سيؤدي إلى تضاؤل أعداد القطيع، ممّا سيرتدُّ سلباً على كمية الحليب التي تشكل ركيزة اساسية في الأمن الغذائي. وأضاف «نحن أمام كارثة النفاد من الحليب كليّاً، وهذه الأزمة ستنفجر في شهركانون كحدٍّ أقصى».
تفعيل الدّور الرّقابي
وزارة الاقتصاد من جهتها، وضعت آليّة من المفترض أن تضمن من خلالها وصول المنتجات إلى المستهلك بأسعار مدعومة للتخفيف من العبء المالي والاقتصادي عن المستهلكين. لكن مع مقابلتها بالرفض من قبل جهات عديدة مهدّدة مصالحها هل ستستمرّ الوزارة بقرارها؟ وما مدى الإلتزام بتحديد الأسعار؟ في هذا السّياق دعت الوزارة المواطنين إلى الإبلاغ على الرّقم 1739 عن المنتجات التي تفوق أسعارها تلك المحدّدة وكثّفت مديرية حماية المستهلك عتيدها بعدد إضافي من العناصر لتوسيع دور الرقابة.
بين الأزمات التي تعصف لبنان، يقف المواطن حائراً يتساءل إلى متى سأصبر أو نَفُد الصّبر؟ كيف سأواجه، وهل من يسمع لأواجه؟
لكنّ المواطن اللّبناني اعتاد أن يكون رأس حربةٍ في كلّ أزمة وخاصّة عندما تُهَدّد لقمة عيشه. غلاءٌ فاحش، تلاعب وغشّ بالأسعار، دعم ورفع دعم وقراراتٌ تُقابل بالرّفض. وحده المزارع اللّبناني اليوم يتحمّل نتيجة تدهور قطاعه الإنتاجي ومصدر رزقه. بانتظار ما ستؤول اليه الإجتماعات والمباحثات. امّا المواطن اللّبناني فصرخته الوحيدة في خِضمِّ هذه الأزمة: «لقمة عيشي خطّ أحمر».