بانتظار انتهاء فترة الثلاثة أشهر التي حددها حاكم مصرف لبنان لوقف دعم المواد المعيشية والأساسية، تجنبا لاستنزاف الـ2,5 مليار الباقية لديه من أصل 19,5 مليار دولار، منها ١٧ مليار دولار الخط الأحمر المتمثل بالاحتياطيات الالزامية بنسبة ١٥% من اجمالي أموال المودعين لدى المصارف بالعملات الأجنبية… تبقى هناك فجوات مالية تحتاج الى إيضاح منها:
أولا: البطاقة التموينية التي ستعتمد بسعر ١٥١٥ ليرة للدولار، بديلا عن صيغة الدعم الحالية، ستعطى «لكل اللبنانيين» اغنيائهم وفقرائهم دون تمييز، مع ان المفروض أن تعطى لفقرائهم فقط لا سيما انه بناء على احصاءات وزارة الاقتصاد يفوق عدد أفراد الأسر الفقيرة في لبنان الـ٣٢٥ ألف أسرة تضم أكثر من مليون و٣٠٠ ألف مواطن لبناني. وحسب تقديرات «الاسكوا» ٥٥% من اللبنانيين فقراء!! فكيف يمكن دعم هذا العدد الكبير من فقراء لبنان ببطاقة تدعم أيضا أغنياء لبنان كما هي الخطة المرسومة بديلا عن خطة الدعم الحالية التي تعثرت بسوء استخدامها من قبل بعض التجار المستوردين الذين، بدلا من انزال السلع المدعومة الى الأسواق بسعر الدولار المدعوم، صدروا هذه السلع الى خارج لبنان بأرباح عالية، إضافة الى قيام البعض بتهريبها الى سوريا أو العراق، ما أفقد الغاية من دعمها وذلك باعتراف كل من وزير الاقتصاد وحاكم مصرف لبنان.
ثانيا: من الآن حتى انتهاء فترة الدعم بعد أقل من ٣ أشهر، تكون أسعار السلع المعيشية قد تمادت في الارتفاع بأكثر من النسب الحالية بما يرفع نفقات البطاقة التموينية على مصرف لبنان أكثر فأكثر، وهو ارتفاع تعاني منه الآن الطبقات الفقيرة وما تبقى من الطبقة المتوسطة، لا سيما في أسعار المواد الاستهلاكية الأساسية ومنها ما ارتفع حسب أرقام الاحصاء المركزي، بنسب تخطت الـ١١٢%! بين تموز ٢٠١٩ وتموز ٢٠٢٠ وأكثر من هذه النسبة في أسعار بعض السلع المعيشية بين ٣٠٠% و٥٠٠% في أسعار العدس والحمص وبعض أنواع الرز والفاصوليا والزيت والبن والسكر وحليب البودرة وسواها، وفي أسعار السلع الضرورية مثل أسعار الملبوسات ووجبات المطاعم وبعض فئات الفنادق. فكيف يمكن تغطية نفقات الدعم ببطاقات تموينية تعطى للفقراء والأغنياء على حد سواء؟!
ثالثا: في السادس عشر من هذا الشهر تجتمع ٧ لجان نيابية لدراسة اقتراح قانون معجل مكرر تقدم به النواب فضل الله والموسوي وفياض وايهاب حمادة، يلزم مصرف لبنان صرف ١٠ آلاف دولار وفق سعر الصرف الرسمي للدولار لكل طالب لبناني يدرس في الخارج عن العام الدراسي ٢٠٢٠ – ٢٠٢١، وهو دعم إذ يقتصر على الدراسة خارج لبنان، لا تطال «نعمته» الطلاب في داخل لبنان، رغم ان عائلات طلاب الابتدائي والثانوي والجامعي داخل لبنان هي نسبيا أكثر عوزا وفقرا من عائلات الطلاب الجامعيين خارج لبنان. والجهود التي تبذل الآن لتحصين التعليم الرسمي وتلبية حاجات المدارس الرسمية والجامعة اللبنانية «التي يقوم بها تجمع رابطة المودعين والأساتذة المستقلين و«شبكة مدى الطلابية والشبابية، والجمعية اللبنانية لحقوق المكلفين وجمعية المستهلك والاتحاد العام لنقابات عمال لبنان، لا تلقى أي صدى لدى دولة «تجهل» (علامة الشدة فوق الهاء) التعليم وتتجاهل أن النهضة التعليمية قبل أن تصل الى المرحلة النهائية في الخارج تبدأ بالمرحلة «الابتدائية» في الداخل، حيث التعليم الخاص والعام في لبنان يعاني في غمرة المحنة الاقتصادية الراهنة، من ارتفاع جنوني في أسعار مختلف الأدوات والوسائل التعليمية من الأقساط العالية واسعار التجهيزات التعليمية والنقل والطعام الى الحقيبة المدرسية التي ارتفع سعرها ٤ اضعاف ومختلف أنواع الأقلام ٤ الى ٥ أضعاف والدفاتر المدرسية ١٠ أضعاف!!
فهل من المنطق أو من دلائل العلم والحكمة والمعرفة «قتل» التعليم الابتدائي في الداخل، واحياء التعليم «النهائي» في الخارج؟!