فرضت أوروبا والعديد من دول العالم قيوداً جديدة، في محاولة لوقف الموجة الثانية من انتشار فيروس كورونا الجديد، فيما تضاءلت الآمال بالحصول على لقاح قريباً، ما أثار الخوف من انتكاسة الأسواق مجدّداً بعد أن شهدت جزءاً من التعافي، في ظل فتح مختلف القطاعات والأنشطة الاقتصادية، خلال الفترة الماضية.
ويأتي ذلك فيما حذّرت منظمة “أوكسفام” من “مجاعة بسبب “كوفيد-19″، في ظل انتشار الوباء، معتبرة أنّ استجابة المجموعة الدولية لانعدام الأمن الغذائي العالمي “غير ملائم بشكل خطير”.
ونبهت المنظمة غير الحكومية من أنّ الأمم المتّحدة لم تحصل على الأموال التي وعدت الدول المانحة بتقديمها لتوفير مساعدات غذائية لأفقر الدول التي تعاني من انعدام في الأمن الغذائي، أو حتّى المهدّدة بالمجاعة.
وقالت “أوكسفام” في تقرير نُشر بعد أيام قليلة من فوز برنامج الأغذية العالمي بجائزة نوبل للسلام، وعنوانه “لاحقاً سيكون متأخّراً جدّاً”، إنّ نقص أو غياب التمويل اللازم لمكافحة الجوع يؤثّر بشكل خاص في سبع دول، هي: أفغانستان والصومال وبوركينا فاسو وجمهورية الكونغو الديمقراطية ونيجيريا (شمال) ودولة جنوب السودان واليمن.
وأضاف التقرير، وفق ما أوردته “فرانس برس”، أنّ الجهات المانحة لم تدفع حتى اليوم سوى 2.85 مليار دولار، أي 28% من إجمالي المبلغ الذي طلبته الأمم المتحدة في مارس/ آذار لمكافحة تداعيات أزمة جائحة “كوفيد -19” البالغ 10.19 مليارات دولار.
وأعربت “أوكسفام” عن أسفها لأنّ خمسة من هذه البلدان السبعة الأكثر عرضة لخطر الجوع لم تحصل من المانحين على أيّة أموال لمواجهة انعدام لأمن الغذائي الناجم عن الجائحة، في وقت تزايدت فيه بقوة أعداد الذين يواجهون خطر الجوع فيها.
وأعلن صندوق النقد الدولي أنه فيما الركود كان أقل من المتوقع، سيتراجع إجمالي الناتج الداخلي العالمي بـ4.4% هذه السنة مقابل تقديرات بـ5.2% في يونيو/ حزيران.
ولا يزال الفيروس ينتشر بسرعة في مختلف أنحاء العالم مع تسجيل أكثر من مليون وفاة و37 مليون إصابة. والعديد من الدول التي تجاوزت الموجة الأولى تواجه الآن موجة ثانية من الوباء.
وتراجعت الأسهم الأميركية في إغلاق، أمس الثلاثاء، حيث تأثرت المعنويات سلباً من جراء وقف اختبارات لقاح لمرض “كوفيد-19” وعدم التوصل إلى اتفاق على حزمة تحفيز اقتصادي أميركية بينما انطلق موسم إعلان نتائج الشركات للربع الثالث من السنة.
ورغم إغلاق مؤشرات الأسهم الرئيسية الثلاثة على انخفاض، ساعدت أسهم “مايكروسوفت” و”أمازون.كوم” على تخفيف خسائر المؤشر ناسداك المجمع الغني بشركات التكنولوجيا.
وبحسب “رويترز”، قال كبير استراتيجيي الاستثمار لدى سليت ستون ويلث في نيويورك، روبرت بافليك: “لدينا طفرة في حالات الإصابة بفيروس كورونا، تزامناً مع وقف شركات دواء كبيرة لاختبارات لقاحات. هذا يثير قلق السوق، ونتيجة لذلك تلحظ ارتفاع أسهم الشركة المستفيدة من الإغلاقات”.
وتبددت الآمال في إقرار حزمة جديدة لتخفيف تداعيات فيروس كورونا بعد أن رفضت رئيسة مجلس النواب الأميركي، نانسي بيلوسي، مقترحاً حجمه 1.8 تريليون دولار من البيت الأبيض، قائلة إنه “أقل بكثير مما تتطلبه هذه الجائحة والركود العميق”.
وبناءً على بيانات غير رسمية، تراجع المؤشر داو جونز الصناعي 158.04 نقطة بما يعادل 0.55% إلى 28679.48 نقطة، ونزل المؤشر ستاندرد أند بورز 500 بمقدار 22.51 نقطة أو 0.64% ليسجل 3511.71 نقطة، فيما هبط ناسداك 12.36 نقطة أو 0.1% إلى 11863.90 نقطة.
وارتفع الدولار مع توخي المستثمرين الحذر بعد وقف اختبارات لقاح لكورونا. وصعد مؤشر الدولار 0.528% مقابل سلة عملات، ليتجه أمس صوب أكبر مكسب يومي له بالنسبة المئوية في ثلاثة أسابيع.
وتضاءلت الآمال بالحصول على لقاح سريعاً، بعدما أعلنت شركة الأدوية الأميركية “إيلي ليلي” تعليق المرحلة الثالثة من تجاربها على علاج بالأجسام المضادة بسبب حادث لم تحدد طبيعته، بعد أقل من 24 ساعة على إعلان مماثل من شركة “جونسون أند جونسون”.
وفي أوروبا، فرضت هولندا “إغلاقاً جزئياً” لوقف إحدى أكبر موجات انتشار الفيروس في المنطقة، مع إغلاق كل المطاعم والمقاهي. وفي بريطانيا دعا زعيم المعارضة العمالية كير ستارمر إلى إغلاق لمدة أسبوعين أو ثلاثة لإبطاء انتشار الفيروس.
ويتوقع أن يعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، قيوداً جديدة وتسريع عملية الفحوصات في مقابلة تبث في وقت متأخر الأربعاء، فيما تتوقع بعض وسائل الإعلام فرض حظر تجول مسائي في باريس ومدن أخرى.
وفيما تكافح الحكومات في أوروبا لضبط ارتفاع جديد بعدد الإصابات، سجلت روسيا أعلى حصيلة وفيات يومية مع 244 وفاة ورقماً قياسياً في الحالات الجديدة بلغ حوالى 14 ألف إصابة.
وشددت إيطاليا بدورها التدابير، حيث منعت الحفلات ومباريات كرة القدم للهواة وتناول الطعام في الحانات ليلاً.
ومن جانبه، وافق البنك الدولي على خطة مساعدة بقيمة 12 مليار دولار للدول النامية لتمويل شراء وتوزيع لقاحات وإجراء فحوصات وتقديم العلاج.
وقال البنك، في بيان، إنّ هذا المبلغ سيستخدم “لتمويل شراء وتوزيع لقاحات وفحوصات وعلاجات كوفيد-19 لمواطني” الدول النامية، مشيراً إلى أنّ هذه الأموال يفترض أن تكفي لتطعيم “ما يصل إلى مليار شخص”.
وأوضح البنك الدولي أنّه يعتزم إرسال “إشارة إلى صناعة البحوث والصناعات الدوائية، مفادها أنّه يجب على مواطني الدول النامية أيضاً الحصول على لقاحات لكوفيد-19 آمنة وفعّالة”.
وفي ظل الضبابية الراهنة حيال مدى سرعة السيطرة على جائحة “كوفيد-19″، لفت صندوق النقد الدولي في تقرير صدر أمس الثلاثاء إلى أنّ صنّاع السياسات بحاجة لأن يكونوا مستعدين لتقديم دعم واسع النطاق، على أن يكون سحبه تدريجياً وليس قبل السيطرة على الجائحة بشكل كامل.
وكتب صندوق النقد في تقريره عن الاستقرار المالي العالمي قبيل اجتماع مشترك مع البنك الدولي من المقرر إجراؤه عن بعد: “مع استئناف الأنشطة الاقتصادية، سيكون من الضروري تبني سياسات تيسير نقدي لضمان رسوخ التعافي وجعله مستداماً”.
وأضاف: “دخلت العديد من الدول الأزمة، وهي تعاني في الأساس من أوجه ضعف كبيرة في بعض القطاعات – إدارة الأصول والشركات غير المالية والديون السيادية – ونقاط الضعف تلك تزداد”.