توقعت وكالة الطاقة الدولية تراجع الطلب على النفط في ظل إجراءات عزل جديدة في أوروبا لمواجهة انتشار فيروس كورونا الجديد، ما يزيد من الضغوط المتوقعة على أسعار الخام بعد فوز جو بايدن بالرئاسة الأميركية، حيث توقعت مصادر نفطية عودة تخمة المعروض في ظل سياسات أميركية جديدة من شأنها إعادة إيران إلى أسواق التصدير بعد فرض عقوبات خانقة عليها من قبل واشنطن خلال فترة الرئيس دونالد ترامب المنتهية ولايته.
وقال كيسوكي ساداموري مدير أسواق وأمن الطاقة في وكالة الطاقة الدولية، إن تجدد إجراءات العزل العام في أوروبا بهدف احتواء تزايد حالات الإصابة بكورونا، سيدفع على ما يبدو توقعات الطلب العالمي على الخام نحو الاتجاه النزولي.
لكنه أضاف في مقابلة مع وكالة “رويترز”، نشرت اليوم الإثنين، أن التأثير سيكون على الأرجح أقل مما حدث في ظل إجراءات العزل في وقت سابق من العام الحالي.
وتابع: “أجزاء كبيرة في القارة الأوروبية تخضع لإجراءات عزل. هذا بالتأكيد يصب في الجانب السلبي” ولكنه أحجم عن التصريح بشأن ما إذا كانت الوكالة ستخفض توقعاتها رسمياً.
وقال: “بالتأكيد نتوقع هذه المرة تأثيراً أقل من إجراءات العزل السابقة… هذه المرة ستظل المدارس مفتوحة وبعض المتاجر لا تزال تعمل أيضا”.
وتعافت أسعار النفط من خسائر حادة في وقت سابق لتحوم قرب 40 دولارا للبرميل، لكن مخاوف الطلب مستمرة، فيما يظل القلق ينتاب الأسواق نتيجة التقارب الشديد في نتائج الانتخابات الأميركية والتي يبدو أنها ستؤول إلى دعاوى قانونية.
وقال ساداموري: “صناعة النفط والغاز، لا سيما في الولايات المتحدة، تترقب نتيجة الانتخابات الأميركية بقدر كبير من الاهتمام”.
وأضاف: “إذا كان الديمقراطيون يخططون لتحول جذري للطاقة منخفضة الكربون.. في حالة بقاء مجلس الشيوخ تحت سيطرة الجمهوريين، فإن هذا التشريع سيواجه عقبات. بصفة عامة نريد أن نرى النتيجة الكلية”.
وأبقت وكالة الطاقة الدولية على توقعات الطلب على النفط للعامين الحالي والمقبل في تقريرها الشهري الصادر في 14 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي دون تغيير، وذلك قبل أن تفرض دول أوروبية كبرى من بينها ألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة قيوداً أكثر صرامة على الحركة لاحتواء انتشار الفيروس.
وذكر ساداموري أن الصين تظل النقطة المضيئة عالمياً بعد كبحها الفيروس في وقت سابق من العام وتتجه لأن تصبح الدولة الكبرى الوحيدة التي يرتفع فيها الطلب السنوي على النفط.
وأضاف أن صورة الطلب على المنتجات متباينة، إذ تستمر معاناة وقود الطائرات والكيروسين بينما يسجل الديزل وزيت الوقود والبنزين أداء أفضل.
وبجانب تأثيرات جائحة كورونا، فإن تصريحات الرئيس الأميركي المنتخب تؤكد تفضيله الدبلوماسية متعددة الأطراف على العقوبات الأحادية التي فرضها ترامب على إيران، حيث قال بايدن خلال حملته الانتخابية، إنه سيعود إلى الاتفاق النووي المبرم مع إيران في 2015 إذا عاودت طهران الالتزام به.
وإذا قرر بايدن تخفيف الإجراءات على إيران وكذلك فنزويلا التي تتعرض لعقوبات أميركية أيضا وهي من كبرى الدول المنتجة للنفط، فإن زيادة الإنتاج قد تزيد من صعوبة مضاهاة العرض للطلب من جانب أوبك.
كان ترامب انسحب من الاتفاق النووي مع إيران في مايو/أيار 2018، ليعيد فرض العقوبات التي قلصت صادراتها النفطية. ويخشى البعض في أوبك أن تزيد عودة الإمدادات الإيرانية تخمة المعروض ما لم تقابلها تخفيضات في أماكن أخرى، ولديهم بواعث قلق حيال استمرار مشاركة روسيا في ما يعرف بتحالف خفض الإنتاج “أوبك+” الذي يضم بجانب الدول الأعضاء في أوبك كبرى الدول المنتجة للخام من خارج المنظمة على رأسها روسيا.
ورحب مصدر مطلع على سياسة النفط الإيرانية بفوز بايدن، وفق رويترز، أمس الأحد، لكنه شكك في أن يرفع العقوبات سريعا. وسيعطي هذا أعضاء “أوبك+” فترة كافية لتعديل اتفاقهم بما يفسح المجال لمزيد من النفط الإيراني.
وقال: “حتى إذا رُفعت العقوبات عن إيران، فسيستغرق الأمر من شهرين إلى أربعة أشهر كي تعود صادرات النفط الإيرانية إلى مستويات ما قبل العقوبات لأسباب فنية.. لذا، أمام أوبك+ وقت كافٍ للاتفاق على سقف إنتاج جديد”.
وقال مصدر في أوبك قبل اتضاح نتيجة الانتخابات: “عقوبات إيران قد يعاد تقييمها وعندئذ ستعود إلى السوق، ومن ثم ستعود تخمة المعروض وسيكون اتفاق الخفض الحالي في خطر”.