حاضر وزير الدولة لشؤون تكنولوجيا المعلومات عادل أفيوني، في قاعة مؤتمرات الرابطة الثقافية في طرابلس، عن “دور وزارة التكنولوجيا في التنمية”، بدعوة من جمعية اللجان الأهلية في طرابلس.
بداية النشيد الوطني، ثم كلمة لرئيس الجمعية سمير الحاج اعتبر فيها ان اللقاء مع أفيوني “يأتي ضمن اهتمام الجمعية بالشأن العام”، منوها بتمثيله كتلة “الوسط المستقل” التي “تحظى بثقة اهل المدينة”، وآملا منه “دفع مصالح المدينة بعيدا من سياسة المحاور وتأثيراتها السيئة”.
ثم تحدث أفيوني، فشكر الجمعية وأعرب عن سروره بوجوده في طرابلس “حيث ألتقي بطاقاتها البشرية لنتطلع معا الى تلبية حاجاتها، وهي التي عانت دائما على الرغم من انها أساسية وتتمتع بميزات متقدمة، فهي ثاني أكبر مدينة في لبنان ولها تاريخها”.
وقال: “أنا أعي تماما المسؤولية الملقاة على عاتقنا وتطلعات الطرابلسيين، على أمل ان نكون عند حسن ظنهم، والمهمة ليست بسهلة انما المطلوب منا التعاون جميعا لتلبية حاجات اهل المدينة والمنطقة، سعيا لنموها وازدهارها”.
وعن أولويات الحكومة، قال: “الأولوية للوضع الاقتصادي الصعب، فنحن نمر بجمود اقتصادي منذ اكثر من ست او سبع سنوات، وهذا الجمود يترجم بالبطالة وبأزمة معيشية على غالبية اللبنانيين، وهذه الأولوية اظن للجميع، والوضع الاقتصادي الراهن هو نتيجة أمور لا سيطرة لنا عليها، كالأزمة في المنطقة والعبء الذي نتحمله نتيجة اللجوء من سوريا، وهذا عبء وكلفة على البنى التحتية، ولكنه كذلك نتيجة مشاكل نتحمل مسؤوليتها وعلينا معالجتها وهذا أساسي”.
وأردف: “نحن نعيش تركيبة اقتصادية ورثناها منذ عشرات السنين، وأدت الى عجزين، الأول في الميزانية حيث تتعدى المصاريف بشكل كبير مواردنا وهذا امر لا تستطيع أي دولة تحمله بشكل مستمر، ونحن نعيش اليوم ونواجه عجزا يبلغ تقريبا العشرة بالمئة من الدخل القومي، وهذه ارقام تتعدى ما هو ممكن وعلينا معالجة ذلك ولا بد من ترشيد الانفاق ومحاربة الهدر بطريقة جذرية، وزيادة الواردات ومحاربة التهرب الضريبي حتى نستطيع ان نوازن بين الواردات والمصاريف، وحتى نستطيع ان نستثمر، فبوجود هذا العجز لا يمكن للدولة اللبنانية ان تصرف المزيد، وجهد الدولة يذهب لتمويل العجز بالفوائد التي تراكمت علينا بسبب الاستدانة وتقريبا حوالي ال33 بالمئة من الواردات تذهب لتمويل العجز، وهذا الرقم يمكن ان يزداد، كما ان ما نسبته 33 الى 35 بالمئة من الموازنة يذهب الى القطاع العام، وهذه نسبة يجب ان تخفض وعلينا ان نعالج ذلك في غياب الإنتاجية. اذا من هنا نرى ان 70 بالمئة من المصاريف لا سيطرة لنا عليها في المدى القريب، ويبقى العجز الأكبر الذي نعاني منه هو عجز الكهرباء، فحوالي المليار ونصف الى ملياري دولار بحسب سعر برميل النفط نسبة عجز سنوية تتراكم على مر السنين. وكل هذا يجعل نسبة الاستثمار ضئيلة جدا، اذ يتبقى للدولة اقل من خمسة بالمئة، فكيف يمكن لنا ان نتكلم عن مشاريع اذا لم يكن لنا مجال للاستثمار من قبل الدولة.
وتابع: “أما العجز الثاني، فهو عجز الميزان التجاري، ففي كل عام نستورد 20 الى 21 مليار دولار، ونصدر 3 الى 4 مليار دولار سنويا، وسنويا هناك فرق في هذا التفاوت، وأيضا لا يمكن لنا ان نستمر في ظل هذا العجز، اننا بحاجة سنويا الى 16 مليار دولار لتدخل الى البلد بطريقة او بأخرى، وعلينا ان نبحث عن ذلك، هناك سياحة تدخل مالا وتحويلات المغتربين التي خفت أخيرا او الاستثمارات من الخارج في لبنان. هذا وضعنا، واولوية الحكومة ان تعالج هذه المسائل، واذا بدأنا بأول عجز علينا ان نصدر موازنة تبدأ بمعالجة العجز وخفضه، وان ننطلق بخطة اصلاح مالية، اما الأولوية التالية فملف الكهرباء، اذ ان هناك مليارا ونصف الى ملياري دولار عجز الكهرباء، واذا حلينا مشكلة الكهرباء سنحل ثلث المشكلة، وهذا ليس صعبا، وهناك بعد أمور أخرى كالتهرب الضريبي والجمركي ومحاربة الهدر والفساد، وأشعر أن هناك قرارا سياسيا لتطبيق الإصلاحات، لأننا وصلنا الى مرحلة لا يمكن المماطلة فيها”.
أضاف: “كما ان النمو الاقتصادي يتصل بالإجراءات، اذ ان المصارف تدين الدولة بشكل كبير، ولا يسمح ذلك ببقاء المجال للقطاع الخاص ان يستدين من المصارف، اذا خفضنا من العجز سيكون هناك مجال للمصارف ان تلعب دورا في تمويل الاقتصاد والدولة، ويمكننا ان نرى بوضوح ان حجم المصارف مكن لبنان من تجاوز مرحلة صعبة، وهذه نعمة للبنان، ولكن ليتمكن القطاع الخاص من ان يستفيد يجب على الدولة ان تخفف من العجز”.
واعتبر ان “سيدر أساسي، ففي ظل الركود لا بد من الاستثمار، واذا كانت الدولة لا تملك الإمكانات والمصارف غير قادرة، اذا يجب ان نحصل على التمويل من موارد أخرى، وهذا ما حققه مؤتمر سيدر الذي يشمل مشاريع ضخمة من البنى التحتية ومشاريع تحرك الاقتصاد، لا حل آخر الا بمشاريع إنمائية ولا حل الا بالاستعانة من الخارج بكلفة مخفضة. وانا آمل ان نحقق نتائج، لان اللبناني عنده طاقات ولا بد من تحريك العجلة الاقتصادية وتوفير فرص عمل للشركات اللبنانية وتخفيف اختناق القطاع الخاص واختناق الدولة من ناحية العجز، اما نجاح الحكومة او فشلها، فمرتبط بعملنا جميعا بعيدا من الحساسيات السياسية، واذا نجحنا ننجح جميعا، فلا مكان للخلافات السياسية فاذا فشلنا سنفشل جميعا”.
وعن وزارته، قال: “نحن في لبنان على المدى الطويل بحاجة لبناء رؤية طويلة الأمد، واذا اردنا ان نبني اقتصادا عصريا على المدى البعيد، يجب ان نزيد من حجم القطاعات الإنتاجية التي تخلق فرص عمل وامكانيات في البلد، ويجب ان يكون لدينا القدرة ان نخلق قطاعات منتجة في لبنان وان نخلق قيمة مضافة وفرص عمل، كما اننا على المستوى العالمي نمر في مرحلة الثورة الصناعية الرابعة، يعني ان التكنولوجيا لم تعد قطاعا بذاته بل صارت جزءا، من هنا وفي اقتصاد المعرفة، ليس مطلوبا منا ان يكون عندنا موارد طبيعية، ولكننا نرى ان من نقاط قوتنا الموارد البشرية، وعندنا نظام تعليم عال رفيع المستوى ومستوى في الطاقات البشرية، وهذه إمكانات يجب ان نستفيد منها وقطاع اقتصاد المعرفة يمكن الافادة عبره من الطاقات البشرية، ويمكن لنا من خلال التنافس ان نصبح من رواد المنطقة. لذلك اعتبر ان تشكيل هذه الوزارة فكرة رائدة وهي موجودة في بلدان أخرى، الوزارة تأسست مؤخرا وهي في النهاية ناشئة وانا كنت وحيدا صرنا ثلاثة الى أربعة، والتحدي ان نبني بالإمكانات البشرية لنقدر على تحقيق الطموح الأساسي، ونحن مصممون على ديمومة الوزارة لان قطاعها أساسي”.
أضاف: “بعد الاستماع الى كل المعنيين لتشكيل فكرة واضحة عن الوضع الحالي والتطلعات والأولويات، وقبل ان نقدم خطة شاملة، يمكننا اليوم ان نعلن عن بعض التوجهات والخطوط العريضة، وأحب ان أركز على أولوياتنا كوزارة وان نخلق فرص عمل وان نخلق اقتصادا رقميا في البلد، وهذه هي الرؤية، ويجب ان نركز على مسارين متوازيين، الأول التحول الرقمي في القطاع العام، وهذا استراتيجي بان تصبح المعاملات في القطاع العام بالتدرج رقمية ويتمكن المواطن ان يتعامل مع الدولة عبر الهاتف او الكومبيوتر، وهذا متوفر في عدد من الدول، وهناك دراسات تجري وبعض الوزارات حققت تقدما والاهم ان نذهب الى التنفيذ، وهذا مشروع ضروري التعاون به مع رئيس الحكومة، ونحن أسسنا لجنة وزارية اسمها لجنة التحول الرقمي، وهناك خطة عمل لكي نعتمد استراتيجية واضحة والهدف تسهيل حياة المواطنين ومحاربة الهدر والفساد، والانتقال الى قطاع عام رقمي.
وتابع: “هناك مسار آخر على مستوى القطاع الخاص في مجال تكنولوجيا المعلومات، وانا معجب ومسرور بلقاءات مع رواد اعمال وشركات ناجحة في لبنان، وهذا دليل ان هناك إمكانات يجب ان نشجعها على التطور، لان هدفنا خلق نمو وحركة اقتصادية ونساعد الشركات كي تنمو وان لا تكون محصورة في السوق اللبناني وان تتطور لتوسع نشاطها الى الخارج، اذ يمكن ان يؤسس أي شخص شركة في أي منطقة ويقدم خدمات الى كل العالم، وهذا يحصل فعلا. ومسؤوليتنا ان نخلق أجواء إيجابية والتسهيلات لان رواد الاعمال بحاجة الى ذلك وثمة حاجة الى إصلاحات متعددة لكي نتوسع وننافس عالميا. كما ننظر الى استقدام شركات عالمية الى لبنان، وهنا آتي الى طرابلس حيث اننا في المدينة نمتلك طاقات وعندنا بطالة وعلينا إيجاد فرص العمل، والفكرة الأولى المنطقة الاقتصادية الخاصة في طرابلس وهي عرفت جهودا لتأسيس كيان يسهل استقبال العمل، واعتبرها أولوية لاستقطاب الشركات من الخارج وتسهيل عمل الشركات في الداخل، وهي منصة خاصة في مجال اقتصاد المعرفة، ونسعى للتواصل مع شركات في العالم تبحث عن منصات، فلا شيء يمنع ان يكون لبنان على خارطة هذه الشركات وان نشجعها بالتحديد في طرابلس وان تستقبل منصتنا مراكز تدريبية وهذا أساسي كمخطط لفرص عمل في طرابلس. كما يجب ان نخلق بيئات تكنولوجية حيث رواد الاعمال يتواصلون ويعملون، وهذا موجود في انحاء العالم وفي بيروت، وتجاربها ناحجة، وهناك اطار وتواصل وهذا يحفز رواد الاعمال ويخلق فرصا إيجابية نحن نفتقر في طرابلس الى مثل ذلك، آمل ان نطلق قرى معرفة في طرابلس وفي مناطق أخرى لكي نساعد بحوافز وبنى تحتية حتى يتواصلوا في نفس الاطار، ودورنا المساهمة”.
وختم أفيوني: “هناك إمكانات أساسية في طرابلس، وانا كممثل طرابلس، موجود لألبي الحاجات ولأدعم حيث يجب. لا يمكن ان نحقق كل شيء ولكنني سأبذل كل جهد حتى نتقدم وندفع المشاريع في طرابلس سواء منها المرتبطة بسوريا او بالداخل والمطار والمرفأ والمعرض، هذه مرافق أساسية ولكن لا بد من تشجيع قطاعات عدة، كما الاهتمام بالقطاع السياحي واستقطاب السواح والاستثمارات، إذ ان هناك إمكانات وكنوزا تراثية وهذا امر يمكن ان نحققه في وقت قريب، وقدوم السواح العرب فرصة على المدى القصير يمكن ان نستفيد منها”.