في المقابلة التي أجراها موقع «الاكونوميست» مع Bill Gate حول مدى قدرة دول الأسواق الناشئة، ومنها لبنان، على تحمّل الأعباء الاقتصادية الناتجة عن جائحة الكورونا، قال الملياردير العالمي ان مصيبة هذه الدول عدم وجود احتياطيات نقدية لديها لمواجهة هذه العدوى المفترسة، وانها حتى قبل الكورونا تحتاج دائما الى قروض من ما «قد يبقى» reminiscences لدى الدول القادرة على الاقراض، متوقعا ازدياد معدلات الفقر والبطالة لدى دول الأسواق الناشئة التي ستواجه عجوزات مالية متواصلة في ظل استمرار تداعيات الكورونا على موازين اقتصادها.
وفي لبنان أمام هذه المخاطر المرتقبة حتى قبل تحذيرات «بيل غايت»، فان أي حكومة لبنانية – متى وإذا تألفت – لا يمكن أن تعالج ولو جزء واحد منها خلال مدة الـ ٦ أشهر التي حدّدها الرئيس الحريري لحكومته تجاه مشكلات معقدة متعددة الأصول والفروع منها:
أولا: الانكماش المتواصل في الناتج المحلي الاجمالي الذي بعد أن انخفض من ٥٥ مليار دولار الى ٣٥ مليار دولار عاد وانخفض الى ١٨ مليار دولار حسب تقديرات صندوق النقد الدولي التي استندت الى معدل وسطي للدولار في معدلات الصرف المتعددة بين الأسعار الرسمية وشبه الرسمية وتقلبات العرض والطلب في أسعار السوق الموازية.
ثانيا: في ظل تقديرات الصندوق الدولي بناتج إجمالي ١٨ مليار دولار فان قسمة هذا المبلغ على المعدل الأقصى لعدد السكان ٦ ملايين نسمة يجعل من المعدل الوسطي السنوي للفرد في لبنان Per Capita ٣ آلاف دولار، وهو معدل نظري يفترض ان الناتج يوزع على كل أفراد الشعب بالتساوي، في حين ان هذا الرقم مجرد مؤشر عام تختفي تحته فوارق اجتماعية صارخة منها ان حوالي ٦٠ الى ٧٠% من اللبنانيين موزعين على ٣ حالات من الحاجة الى الفقر، الى الفقر المدقع. بدليل أن ما بين ٦٠٠٠ الى ٧٠٠٠ شخص من عدد السكان يمتلكون الجزء الأكبر من ودائع المصارف بالدولار.
ثالثا: التراجع المتواصل في واردات الدولة التي كانت تجني من الضرائب ٢٠% من الناتج الاجمالي وأصبحت تجني ٥ الى ٦%.
رابعا: كل ما حفلت به الورقة الاقتصادية الحكومية هو التركيز على حل المشكلات الطارئة من اقتصادية ومالية ومصرفية واجتماعية ووبائية، ودون أي خطة للنمو الاقتصادي سوى عناوين وتعابير رمزية.
خامسا: صعوبة الحصول على قروض أو قروض كافية في ظل الانخفاض الذي توقعه صندوق النقد الدولي في معدلات النمو لمنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا (ومنها بالطبع دول يطمح لبنان للحصول منها على قروض ومساعدات وهبات) لا سيما مع استمرار انخفاض أسعار النفط وارتفاع أكلاف مشاريع البنية التحتية في تلك البلدان، إضافة الى ضعف التشريعات الجاذبة للاستثمار.
سادسا: وإضافة الى هذه التحديات الكبرى هناك المشكلات والمطالبات اليومية من مختلف القطاعات الاقتصادية التي تتهاوى أو تنهار الواحدة تلو الأخرى في حالة طوارئ وبائية تشلّ قدرات الانتاج وطاقات الحياة.
وفي هذه الأجواء الاقتصادية العاصفة كيف يمكن لحكومة – مهمة!! Mission أن تواجه في ستة أشهر كل هذه المهام بل الهموم الستة، بمعدل شهر واحد فقط لكل مهمة؟ في معدل قياسي يعرف الرئيس ماكرون ومعه الرئيس الحريري استحالة مقارنته بأي معدل عرفه تاريخ الحكومات في العالم!