خلقت المماطلة في التوافق على اقرار الموازنة جواً من القلق العارم في لبنان، لا سيما انه اصبح من المعلوم ان اقرار الموازنة امر ضروري لبث اجواء الإطمئنان لدى الملتزمين تجاه لبنان بأموال مؤتمر “سيدر”.
وفيما تؤكد المعطيات ان طبيعة الموازنة تثير الخلافات بين الافرقاء المعنيين، تجزم مصادر ان الخلاف بين الافرقاء محوره عدم اقرار الموازنة، بمعنى ان الخلافات ليست هي التي تؤخر اقرار الموازنة، بل عدم اقرار الموازنة سبّب خلافات، نظراً لأهمية الموازنة التي تعتبر منطلقاً اساسياً نحو امور جدية واساسية قد يشهدها في لبنان.
وشددت المصادر على ان اقرار الموازنة مع خفض النفقات وعدم الالتزام بالمهلة التي حددت وهي نهاية شهر ايار القادم، ليس موضوع خيارات او رغبة فريق ما، فلم يعد خافياً على احد ضرورة اقرار موازنة اصلاحية تتضمن حصر للنفقات. فتأخير الموازنة لن يدل الا على النية بممارسة المزيد من الفساد والإنفاق بعيداً عن أي شفافية.
لا مبرر لعدم الإقرار
قد يبدو من المعيب القول انه لا يوجد اي مبرر قانوني اطلاقاً لعدم إقرار الموازنة، ليبقى السؤال: “يا ترى بماذا تنشغل الحكومة ومجلس النواب كي لا يتم اقرار الموازنة؟. فالجميع اليوم يدعو الى اقرارها، وقد وصلنا الى نهاية الشهر الثالث من العام 2019، لتبقى اذاً المشكلة كامنة في التسلط والإستهتار باموال الناس وحقوقهم والاستهتار بالدستور. فالموازنة، وان جرى التغاضي عن اهميتها المتعلقة بالاجراءات الاصلاحية التي يتطلبها مؤتمر سيدر، انها رؤية اقتصادية وإجتماعية للحكومة، تحدد الايرادات والإنفاق خلال عام، وفي ظل غيابها يتم الإنفاق على اساس القاعدة الإثني عشرية، ويصبح عمل الحكومة أشبه بتسيير الأعمال اذ يقتصر على جباية الأموال وانفاقها بشكل عشوائي دون القدرة على القيام بالإصلاحات او المشاريع الإستثمارية والبرامج التنموية.
وكانت معلومات صحفية قد اشارت اليوم “إن دوائر وزارة المال أعدّت مشروعاً لخفض النفقات بقيمة مليار دولار، من أبرز بنوده خفض للنفقات يشمل 33 بنداً بنسبة 70%. يتضمن هذا الخفض تقليص نفقات المساهمات للهيئات التي لا تتوخى الربح إلى 63 مليون دولار، وتقليص احتياط الموازنة إلى 95 مليون دولار، ونفقات المحروقات إلى 46 مليون دولار، ونفقات العطاءات إلى 46 مليون دولار، ونفقات إنشاءات مجلس الجنوب إلى 14 مليون دولار، ونفقات الدروس والاستشارات إلى 18 مليون دولار، ونفقات تجهيزات النقل إلى 14 مليون دولار، ونفقات الإيجارات والصيانة للمكاتب إلى 8 ملايين دولار، ونفقات الهيئة العليا للإغاثة إلى 10 ملايين دولار…
ناقوس الخطر يدق
هذا، ويدور همس حول ان لبنان قد يكون مقبل على كارثة ان لم يتم التحرك سريعاً، وهذه الكارثة قد دفعت، حاكم مصرف لبنان الذي عرف عنه بث الاجواء المطمئنة، الى رفع الصوت في ظل معطيات خطرة تلوح في الافق. فخدمة الدين قد تصل الى مستويات كارثية، فيما ساهم التوظيف الانتخابي بإضافة اعباء كبيرة على كاهل الدولة تضاف الى عبء سلسلة الرتب والرواتب التي تم الادراك مؤخراً الخطأ الجسيم في اقرارها. هذا، في حين يشهد لبنان اقفال العديد من المؤسسات، وعدم وجود حل فعال لأزمة الاسكان الذي كانت نتائجها كارثية على مختلف القطاعات الاقتصادية.
ان السير الى الامام بإجراءات واضحة وخطوات ثابته منها اقرار خطة الكهرباء والموازنة ومعالجة ملفات الفساد امور لا يمكن للطبقة السياسية التغاضي عنها، فناقوس الخطر يدق.