«استراتيجية 2025» الزراعية: «أسمع كلامك أصدّقك»!

«الاستراتيجية الوطنية للزراعة في لبنان 2020 – 2025»، التي أعدّتها وزارة الزراعة بدعم من «منظمة الأغذية والزراعة» التابعة للأمم المتحدة (فاو)، «تتبنّى نظرة حديثة للنهوض بالقطاع»، بحسب الاستشارية في الوزارة الوزيرة السابقة وفاء الضيقة حمزة. لكنها «تحتاج إلى توجه استراتيجي كبير على صعيد القرار السياسي»، لأنه «ما رح يمشي حال الترقيع».

حمزة التي شاركت في صياغة الخطة أوضحت لـ«الأخبار» أن «المحور الأوّل من الاستراتيجية يركّز على الإنعاش المباشر عبر تسهيل الوصول إلى المدخلات الزراعية والقروض لزيادة القدرة الإنتاجية وتأمين استدامة الأعمال الزراعية وتحسين سبل عيش المزارعين ومداخيلهم». و«الأولوية الثانية لتعزيز الإنتاج وخفض الاستيراد، الأمر الذي لن يحصل إلا تدريجياً عبر زيادة مدروسة للمساحات المزروعة مع مخطط لملاءمة استخدام الأراضي في الزراعة يترافق مع استصلاح الأراضي بمواكبة ودعم مستمرين للمزارعين».

وبغية تحسين نوعية الإنتاج «تلحظ الخطة ضرورة العمل مع المزارعين لتقوية الخدمات الإرشادية واستخدام التكنولوجيا من جهة، وإدخال أصناف جديدة من زراعات ملائمة لإنتاجية أعلى وأكثر قدرة على تحمّل الأمراض وتغييرات المناخ». أمّا خفض كلفة الإنتاج كخطوة ضرورية، فلن تكون، برأي حمزة، إلا عبر «إيجاد بدائل محليّة للمستلزمات الزراعية المستوردة من بذور وأسمدة وإنتاج محلي لها». فالبذور والمبيدات والأسمدة المستوردة باتت تشكّل أكثر من نصف كلفة الإنتاج، مشددة على وجوب تأمين قروض زراعية ميسّرة بفوائد منخفضة وطويلة الأمد لضمان استمرارية القطاع والعاملين فيه، «وهذا يأتي في صلب تقليل مخاطر انعدام الأمن الغذائي والتغذوي».

يصف الباحث في سوسيولوجيا التنمية الريفية والخبير في تخطيط وتقييم برامجها أحمد بعلبكي الاستراتيجية بـ«المدهشة ببلاغتها والمخيّبة بخلوّها من الأسانيد والمراجع كسابقاتها». إذ أن هذه ليست الاستراتيجية الأولى لوزارة الزراعة. فقد سبقتها خطتا 2010 – 2014 و2015 – 2019، وكانت النتيجة ازدياد هشاشة القطاع، حاله حال القطاعات الإنتاجية كافة.

وسجّل الإنتاج الزراعي بين السنوات 2015 – 2019 معدّلاً وسطياً قيمته حوالى مليارَي دولار، قبل أن يتراجع عام 2020 بنحو 25%. وبلغ معدّل إنتاج الزراعات الحقلية في الفترة نفسها حوالى 230 مليون دولار، قبل أن يتدنى عام 2019 إلى 150 مليوناً، وبين 125 مليوناً و135 مليوناً عام 2020 «وهو الأسوأ زراعياً»، بحسب همدر. إذ انخفض في هذا العام إنتاج البطاطا 70% والبصل 61% والحبوب 64%، وتراجع فيه الإنتاج الزراعي العام بنحو 27%. علماً أن 73% من الإنتاج الزراعي نباتي، و27% إنتاج حيواني، وفق أرقام وزارة الزراعة.

3.3 مليارات دولار هي قيمة الواردات الزراعية والغذائية في مقابل 614 مليوناً فقط قيمة الصادرات. ومع اشتداد الأزمة المالية، شهدت الواردات الغذائية تراجعاً، وبلغت عام 2019 نحو 2.3 مليار دولار.
وتفيد بيانات الجمارك بأن «لبنان قبل الأزمة الأخيرة كان يستورد سنوياً بحوالى مليار و225 مليون دولار مواد أساسية كالقمح والأرز والعدس والفول والسكر والرز»، وكانت قيمة الاستيراد السنوي للألبان والأجبان حوالى 250 مليون دولار.
ولا يتعدّى الإنتاج المحلي 20%، أي أن لبنان يستورد 80% من حاجاته الغذائية. وتشكّل الواردات الغذائية 17% من مجموع الواردات، ما يجعلها في المرتبة الثانية بعد الوقود. أمّا أكثر المواد الغذائية استهلاكاً فهي: الخبز والحبوب ومشتقات الحبوب (35%)، مواد غذائية أخرى (46%)، الحليب ومنتجات الألبان (11%)، اللحوم والدواجن (8%).

بعدما كانت اليد العاملة الزراعية تمثّل أكثر من 12% من مجموع اليد العاملة الوطنية، بات القطاع لا يوظّف أكثر من 5%. ويُعدّ العمّال الزراعيون من أفقر العمّال في القطاعات كافة، إذ أن 40% منهم تحت خط الفقر، بحسب «إسكوا».

حالَ تهميش الدولة للقطاع دون الاستفادة من قدرته الحقيقية ومناخ البلد الملائم. فبحسب «فاو»، تبلغ مساحة الأراضي الصالحة للزراعة أكثر من 683 ألف هكتار. وتؤكد «إسكوا» أن 33% من مساحة لبنان قابلة للزراعة. بينما تُقدَّر الأرض المزروعة حالياً بأقلّ من 200 ألف هكتار فقط، 48% منها مرويّة، وفق همدر، الذي يشدد على أنه في حال إجراء إصلاحات ترتفع النسبة إلى 66% قابلة للزراعة. وتتضمّن الأطراف الشمالية والشرقية أكثرية الأراضي المزروعة والمروية، منهـا 43% في محافظتَي بعلبك – الهرمل والبقاع، 26% في محافظتَي عكار والشـمال، و22% في محافظتَي الجنوب والنبطية. بالنسبة إلى البنى التحتية للري؛ 55% من كل الأراضي المرويّة تقع في بعلبك ــــ الهرمل والبقاع.

مصدرجريدة الأخبار - ندى أيوب
المادة السابقةسلف الخزينة: 5.5 مليارات دولار ديون هالكة!
المقالة القادمةالحَكَم في الأسواق المالية مغيّب بـ”اللاقرارات” الوزارية