“حقوق السحب الخاصة”… حق وطني غير مسموح التفريط به

قد تكون حصة لبنان من حقوق السحب الخاصة (SDR) التي ينوي “صندوق النقد الدولي” توزيعها على الأعضاء من دون شروط، صغيرة؛ إنما الأكيد مفعولها سيكون كبيراً في حال أحسن استعمالها. أمّا إذا أُدخلت “دهاليز” المركزي، وأخضعت لتقديرات “الحاكم” المحكوم بالموافقات الإستثنائية والإستنسابية في الصرف والتحويل، فستتبخر في غضون فترة قصيرة وتذهب أدراج مئات الملايين التي سبقتها.

رئيس مجلس إدارة FFA Private Bank جان رياشي قال: “إذا لم يتخذ قرار سياسي جدي بكيفية استعمال هذه المساعدة، فستضاف “حقوق السحب الخاصة” حكماً على احتياطيات العملات الأجنبية في مصرف لبنان وتستنزف بالطريقة نفسها التي أدت إلى خسارة المليارات على الهدر والدعم والتهريب. وعليه المفروض التفكير بالطريقة الأمثل للإستفادة من هذه “المنّة” بحسب الأولويات. جزء من المبلغ يجب أن يذهب برأيه إلى الأسر الفقيرة، بشرط تحييده عن الزبائنية السياسية، وبشكل مخالف لطريقة التعاطي التي تمت مع قرض البنك الدولي. فالقرض الأخير الذي كان من المفترض أن يعطى البارحة قبل اليوم، ما زال معلقاً بسبب عدم تطبيق السلطة شروط البنك الدولي لجهة المراقبة الجدية في صرف الأموال. وعليه فان استخدام جزء من مساعدة الصندوق لمساعدة الأسر قد تفتح الباب واسعاً أمام الزبائنية بسبب عدم وجود أي شروط على المساعدة؛ وهذا ما لا ينفع. من جهة أخرى من الممكن استخدام جزء من المبلغ لانشاء صندوق دعم لاستيراد المواد الأولية لقطاعات الإنتاج الأساسية. ومن الضروري تخصيص جزء لمشاريع استثمارية ضرورية في هذا الظرف”.

الخبير الإقتصادي جان طويلة الذي يؤكد على أهمية تعزيز الإستثمار في الإنتاج، يعتبر أن الأولوية للإنقاذ الإجتماعي وقطع الطريق أمام الفوضى المتصاعدة، أقله حتى موعد الإنتخابات النيابية. فانطلاقاً من أن “استثمارات اليوم هي وظائف الغد”، يعتبر طويلة ان الإستثمارات لن تنفع إن لم يبق مجتمع. وبرأيه أن جمع المبلغ من الصندوق المقدّر بين 850 و900 مليون دولار، مع إعادة جدولة قروض البنك الدولي المقدرة بنحو 500 مليون دولار، مع ضخ مصرف لبنان مليار دولار، تؤمن جميعها نحو 2.4 مليار دولار. أهمية هذا المبلغ أنه يؤمن لأغلبية العائلات اللبنانية المسجلة بطريقة نظامية على منصة IMPACT مبلغ 250 دولاراً شهرياً تكفي جميع متطلباتهم الحياتية الأساسية، ويؤدي إلى رفع الدعم بشكل كلي، وتوقف التهريب، والحد من احتكار التجار، وتوفير جميع السلع في الأسواق. وبحسب طويلة فان “هذه الآلية تبطّئ الإرتفاعات الجنونية في سعر الصرف وتساعد على الصمود لمنتصف العام القادم.

إنطلاقاً من المخاوف المشروعة بحتمية استخدام السلطة للأموال المتأتية لإطالة عمر الأزمة بالطريقة نفسها المتبعة اليوم، يعتبر عضو مجلس إدارة جمعية الصناعيين اللبنانيين بول أبي نصر أن “الطريقة الأمثل لاستخدام هذه الاموال تكون باستثمارها في مشاريع الطاقة المتجددة عبر الإقراض. فاتاحة المجال امام المصانع والجامعات والمدارس والفنادق والمستشفيات والمؤسسات الكبيرة… الحصول على قروض مدعومة بصفر في المئة فائدة من أجل إنشاء وتركيب وحدات إنتاج على الطاقة النظيفة، يحقق مجموعة من الأهداف المترابطة تعود بالكثير من الفائدة على الإقتصاد.

 

مصدرنداء الوطن - خالد أبو شقرا
المادة السابقةالعتَمة الشاملة حلّت… ولا مخرج إلا بالنفط العراقي
المقالة القادمةالدولار عند الـ20 ألفاً… والسياحة لن تفكّ الخناق!