النقل المشترك بدلاً من النقل الخاص… هكذا نواجه الأزمة

لا يزال النقل العام بعيداً من لبنان نتيجة غياب أي خط٘ة لتأهيله بعد الحرب ونتيجة الفساد والهدر في المنظومة السياسية، ما دفع عدداً كبيراً من اللبنانيين للجوء الى إستخدام النقل الخاص. حيث أصبح على الأقل لكل فرد في العائلة سيارته الخاصة. فحوالى 80% من اللبنانيين يعتمدون على السيارات الخاصة، و18% على “التاكسي” و”السرفيس” و2% على الباصات والفانات والدراجات الهوائية. ويبرز شادي فرج، وهو من مؤسسي جمعية حقوق الركاب، في مقال له تحت عنوان ” بونزي النقل”، حجم الإستيراد السنوي للسيارات في لبنان من خلال رسوم الجمارك اللبنانية: اذ “يقدر مجموع الإستيراد لسنة 2018 بـ 19978 مليون دولار و19238 مليون دولار لسنة 2019 وإنخفاضاً ملحوظاً الى 10933 مليون دولار لسنة 2020. أما بالنسبة لكمية النفط المستوردة فهي تشكل حوالى 20% من حجم الإستيراد السنوي، فبين 2000 و2020 تقدر بـ 21.3 مليار دولار لمادة البنزين، إضافة الى 19.7 مليار دولار أنفقت على استيراد السيارات الخاصة، كما وأن المصارف أعطت 73 ألف قرض لشراء سيارة خاصة حسب الباحث الإحصائي عباس طفيلي.

“نحو عدالة التنقل في لبنان” هو عنوان الورقة التي وضعتها جمعية حقوق الركاب بالتعاون مع جمعيات أخرى للدفاع عن حق التنقل والعدالة في لبنان. وتطرح هذه الورقة رؤية للتنقل العادل وكيفية تطوير هذا القطاع على كافة المناطق من دون أي تميّز أو احتكار سياسي، فلا بد مـن إعادة النظـر في مشهدية التنقل في لبنان ليشمل المشـاة، والدراجـات الهوائية، والنقـل المشـترك بـدءاً مـن باصـات إلـى نقـل خطـوط السكك الحديد.

مشروع خريطة الباصات Bus map project هو إحدى المبادرات التي إنطلقت منذ 2015 لمواجهة أزمة النقل في لبنان. ويتضمن هذا المشروع جمع معلومات تتعلق بأماكن وأوقات تنقل الباصات. ويقول فرج “إن هدف هذا المشروع هو إثبات وجود نقل مشترك فع٘ال في لبنان ومساعدة الشعب ليتمكن من استعماله بدلاً من النقل الخاص، ولكن بالطبع هناك صعوبة في تطوير هذا العمل كون من هم في موقع المسؤولية لا يبذلون جهداً لناحية هذا الأمر، فهو يتضارب مع مصالحهم الخاصة”.

“ونعني بذلك أن تربط هذه السكة لبنان الداخلي والساحلي، وشماله بجنوبه، وسهله ببقاعه”، يقول الياس أبو مراد وهو مهندس تخطيط مدني ومعمار وناشط في جمعية Train Train، “فعلى سبيل المثال في سنة 1895 تم إنشاء سكة حديد بيروت – الشام لتطوير عملية الإستيراد والتصدير، فسكة الحديد في حال وجدت، تؤمّن حل٘اً للركاب من جهة والشحن من جهة أخرى. فعدالة التنقل تتحقق عن طريق وضع شبكة نقل مشترك متكاملة تتألف من وسائل نقل متعددة ومنظمة، حيث لا يجب أن تكون وسيلة النقل عائقاً امام إبن عكار إذا كان يريد العمل في بيروت”.

وتقدّر كلفة الاستثمار نحو 3 مليارات دولار من بيروت حتى طرابلس، و800 مليون دولار من بيروت الى طبرجا. ولكن لم تكن فكرة إحياء سكّة الحديد من أولويات الحكومات المتعاقبة، فالمشكلة تكمن في عدم وجود رؤية شاملة وخطط للمدى الطويل قادرة على بناء إقتصاد مزدهر، إضافة الى صعوبة جذب الدول الخارجية للتعاون مع لبنان في ظل تدهور الوضع الإقتصادي وفساد المنظومة السياسية وانفجار 4 ا٘ب، حيث كان الدافع الوحيد لبناء سكة حديد هو ربط مرفأ بيروت بالحدود السورية وبالشمال والشرق”.

مصدرنداء الوطن - جويل الفغالي
المادة السابقةسوريا.. رفع سعر المازوت والخبز بأكثر من 100 في المئة
المقالة القادمةأكثر من نصف اللبنانيّين يكتفون بأقلّ من وجبتيْن يومياً