رأت الجمعية الدولية للإختصاصيين الماليين اللبنانيين “LIFE” في مسودة البرنامج الإصلاحي الذي وضعته الحكومة اللبنانية، أنه من الضروري عدم رفضها بشكل مباشر، وقدّمت رؤيتها العلميّة والمتوازنة.
وأشارت أمس في بيان أصدرته الى أن “المسودّة تضمّ جوانب مشجّعة أبرزها، نهج أكثر شمولية من المحاولات السابقة بما فيها “التعديلات المالية”. وهي أيضاً تمثل أول مجهود ذي مصداقية يعترف ويقوم بتحديد الحجم الواقعي للاختلالات المالية الكلية”.
ولفتت الى أن ما “ورد في المسودة إلى الانتقال إلى سياسة “سعر صرف أكثر مرونة” والتي طالت الحاجة إليها، وأيضاً إلى إجراء مراجعة مستقلة كاملة للوضع المالي لمصرف لبنان. والاهم من كلّ ذلك، تعترف المسودة بالحاجة الماسة إلى “مساعدة مالية أجنبية كبيرة”، الأمر الذي يفترض بأن يفتح الباب أمام إمكانية اللجوء إلى برنامج صندوق النقد الدولي. وفي حين أن المسودة قد دعت بشكل صحيح إلى مراجعة حسابات مصرف لبنان، رأت الجمعيّة بأنه ينبغي توسيع نطاق هذه المراجعة لتشمل جميع الوزارات الحكومية والهيئات والمؤسسات العامة في لبنان والتي تتحمل المسؤولية في نهاية المطاف عن كل العجز المالي المتراكم وما ترتب عليه من عبء ديون لا يمكن تحمله.
هذا إضافة إلى مراجعة جميع المناقصات العامة السابقة التي تتجاوز قيمتها عتبة معينة من أجل ضمان مسار واضح لاسترداد المدفوعات غير المشروعة. ليست الإصلاحات المالية المقترحة شاملة، وهي غير كافية لوضع لبنان على مسار مستدام.
من هنا لفتت الجمعية الى أنه لا بدّ اذاً من تسريع الإصلاحات في مؤسسة كهرباء لبنان وفقاً لخطة عملية وشفافة بدلاً من الاعتماد على خطط مسبقة قد لا تتسم بالمصداقية. ومع التسليم بأن خطوات “التعديل المالي على مراحل” أكثر جدوى من الناحية السياسية، فإن التجارب السابقة والأدلة الرقمية تشير إلى أن ذلك لن يؤدي إلا إلى إطالة أمد الشلل الاقتصادي. تقديرات غير دقيقة، لا تتّسم تقديرات المسودة للتضخم ومستويات سعر الصرف بالمصداقية.
مستويات أسوأ
ووفقاً لتوقعات “LIFE” إنّ كلاًّ من سعر الصرف ومعدل التضخم المالي سيصلان إلى مستويات أسوأ، الأمر الذي يؤدي فعلياً إلى فرض ضريبة أعلى على جميع المدخرين والمستهلكين.
واعتبرت أن القطاع المصرفي… جزء من التحوّل الاقتصادي وأن إعادة هيكلة القطاع المصرفي يجب أن تكون جزءاً من أي خطة للتحول الاقتصادي، إلا انه لا بد من حماية الودائع الصغيرة والمتوسطة الحجم، بما في ذلك ودائع مؤسسة الضمان الاجتماعي ونقابات المهن الحرة.
وكما طالبنا في الماضي، فإنه من الضروري اعتماد تشريع قانوني لوضع قيود على سحب الأموال من البنوك (Capital Control) وبشكل فوري، من أجل إدارة ما تبقى من سيولة بين المواطنين اللبنانيين والقطاعات الإنتاجية بطريقة عادلة وشفافة. كما ينبغي التعامل مع السلوك المصرفي غير القانوني بشكل حازم وسريع. وفي حالة البنوك المتعثرة أو تلك التي لا تتمتع برأس المال الكافي، يمكن الاعتماد على مساهمة المودعين ذوي الودائع الأكبر (Bail-in ) كملاذ أخير، ولكن يتوجب تشريعها بوضوح.
وفي ما يتعلق بأي استحقاقات تفضيلية للمودعين بشكل مباشر في الأصول الحكومية، والذي طرحته الحكومة في مسودتها، اعتبرت الجمعية أنه “يجب إجراء مراجعة قانونية كاملة للتأكد مما إذا كان ذلك عملياً أو منصفاً أو حتى ممكناً. هذا وينبغي لأي برنامج لإعادة هيكلة القطاع المصرفي أن يسير جنباً إلى جنب مع إصلاحات مالية واسعة النطاق وذات مصداقية”.
وأضافت: “بينما تنص الخطة بشكل وجيز على مبيعات أصول الدولة في المستقبل، فإن الجمعيّة تعتقد بأنه رهناً بجميع الضمانات اللازمة لضمان الإدارة السليمة والشفافية، ينبغي أن يكون برنامج الخصخصة على المدى المتوسط عنصراً هاماً في خطة أكثر شمولية للتكيف المالي وتحقيق الاستقرار”.
وختمت الجمعية أن “إنقاذ الاقتصاد اللبناني يتطلب قيادة اقتصادية قوية وشاملة لم تظهرها أي حكومة لبنانية في الماضي القريب. وعلى هذا النحو، ما لم يتم اعتماد الخطوات المثارة أعلاه على الفور، فإن الأزمة الاقتصادية المتسارعة في لبنان، التي تفاقمت بسبب حالة التعبئة العامة الناتجة عن فيروس COVID-19، ستزيد من إفقار المواطنين اللبنانيين بشكل متسارع وتؤدي الى تمزق نسيج لبنان الاجتماعي بالإضافة إلى تفكيك ما تبقى من إطاراته المؤسساتية”.