“منبوذة” باتت ليرة لبنان، وغير مرغوبة، وهدف الجميع التخلص منها لقاء دولار مهما ارتفع سعر صرفه.
تحوُّل تدريجي ممنهج، باتت تشهده الأسواق، وعلى رأسهم التجار، في التوجّه نحو التداول بالدّولار، بهدف التحوط وعدم تكبّد خسارات، بفعل الانهيار المتسارع غير المسبوق في العملة الوطنية.
الخبير الاقتصادي د. وليد أبو سليمان عدَّد أسباب تسارع إنهيار الليرة، وما تفرضه التطورات الجديدة مستقبلاً، في ظل مخاوف من زوال الليرة من التعاملات.
الإنهيار الحالي يعد الأسرع دكتور، حيث شهدنا قبل أسبوع تراجع الليرة بنحو 5 % والأسبوع الماضي بنسبة 20%، على ماذا تدل تسارع وتيرة الإنهيار؟ وما المتوقع مستقبلاً؟
“ما حصل خلال نهاية الأسبوع الماضي، جاء بفعل أسباب مترابطة، تلت قرار بعبدا “قمع وملاحقة منصّات وصرافي السوق السوداء”. عملياً اليوم هناك 5 مليارات دولار من خارج الدّعم، ويعمل التجار على شرائها من السّوق الموازي ليحصلوا على العملة الصّعبة، اللازمة للإستيراد في ظل عدم قدرة مصرف لبنان على تأمين الدّولار.
وبعد قرار بعبدا وبدء التشديد وتوقيف الصرافين، قرر الصرافون وقف بيع الدّولارات، ما نتج عنه طلباً متزايداً على الدّولار، وهبوطاً في السيولة المتوافرة في السّوق. وهو ما استغلّه بعض الصرافين في فرض سعر الصرف الذي يناسبه وتسبب بهبوط إضافي للّيرة.
التطبيقات كانت تمثل نوعاً من المؤشرات، التي تؤمِّن السعر بين المشترين والصرافين وحكمت السوق خلال الفترة الماضية، وفي غيابها أصبح الهامش بين العرض والطّلب قياسياً غير مسبوق، وتراوح بين الـ 100 والألف نقطة في الوقت نفسه، فتكرّست الفوضى.
إذا استمرت الأمور على ما هي عليه ماذا نتوقع في المستقبل القريب؟
“العامل النفسي أوصلنا إلى 12 ألف ليرة للدّولار الواحد، وهو سيحدد مسار قيمة العملة في قادم الأيام، مع توجه المواطنين للتخلص من أموالها بالليرة، وقيام التّاجر أيضاً باستباق الإنهيار وتحديد الأسعار وفقاً لصرف 12,500 ليرة، وهو واقع طبيعي في ظل غياب الإجراءات.”
ما التداعيات الفورية التي قد نشهدها، إضافة إلى الارتفاع الكبير في أسعار السلع الغذائية والاستهلاكية في الأيام القليلة المقبلة؟
“إضافة إلى التداعيات أعلاه، فإننا قد نشهد شحّاً في المواد الغذائية والاستهلاكية وغيرها في الأيام المقبلة، مع إحجام التجار على عرض بضائعهم، لغياب القدرة على تحديد سعر الصّرف، إذ إن الواقع الحالي يجبر التجار على مسارين، إما إغلاق المتاجر، أو وقف الإستيراد.
بات عدد من التجار يشترط الدفع بالدولار، هل يمكن أن نرى زوالاً فعلياً للعملة؟
“بالتأكيد، وهو ما بتنا نشهده لدى جميع اللبنانيين، عبر توجّههم للتخلص من أموالهم بالليرة، والعمل على شراء الدّولار. والأيام المقبلة، ستشهد تحوّل التداول اليومي إلى الدّولار بدلاً من الليرة، وهو مسار خطر للغاية.
هل سنكون أمام إجراءات جديدة كطرح أوراق نقدية من فئة المليون؟ أو شطب صفر من العملة بعد انهيار قيمتها؟ وما التداعيات لمثل هذه الخطوات؟
“في ظل الواقع الحالي، لن يتّخذ أحد أي قرار أو يتحمّل أي مسؤولية، فلا القائمين على السياسة النقدية سيتحملون وزر اتخاذ قرارات مصيرية، ولا الحكومة المستقيلة ستُلزم نفسها بإجراءات، ولن يقوم الرئيس المكلف أيضاً بأي خطوة في هذا الإطار.