بينما فتح الرئيس الأميركي دونالد ترمب «نافذة» لتمديد مهلة الرسوم الجمركية المقرر الشروع في تطبيقها مطلع الشهر المقبل، يعتزم الرئيس الصيني شي جينبيغ لقاء مسؤولين أميركيين بارزين في بكين هذا الأسبوع، فيما صرح كبير المفاوضين الأميركيين بأن المباحثات تدور في أجواء جيدة، وهي الأنباء التي فسرها مراقبون بأنها تشير إلى زيادة احتمالية انفراج أكبر أزمة جمركية في العالم الحديث.
وبحسب ما أوردت صحيفة صينية، الأربعاء، سيلتقي شي الجمعة مسؤولين، بينهم ممثل التجارة الأميركي روبرت لايتهايز، ووزير الخزانة ستيفن منوتشين، الذين يزورون بكين لإجراء محادثات بهدف التوصل لاتفاق تجاري، وفقاً لصحيفة «ساوث تشاينا مورنينغ بوست». ونقلت الصحيفة عن مصدر مطلع على الترتيبات أنه «من المقرر أن يلتقي كل من لايتهايزر ومنوتشين الجمعة». ويلتقي المسؤولون الأميركيون بنظرائهم الصينيين الخميس والجمعة. وفي غضون ذلك، علّق منوتشين أمس بقوله إن محادثات التجارة مع الصين تمضي على نحو جيد، مع محاولة أكبر اقتصادين في العالم التوصل إلى اتفاق لحل نزاعهما التجاري. وقال منوتشين عن المحادثات إنها «جيدة حتى الآن» عندما سأله الصحافيون عن سير الاجتماعات الدائرة في بكين. ولم يذكر تفاصيل أخرى.
ويسعى الجانبان للتوصل إلى اتفاق تجاري قبيل مهلة الأول من مارس (آذار) التي حددها الرئيس الأميركي، رغم إعلانه الثلاثاء أنه قد يمدد المهلة وفقاً للتقدم المحرز في بكين. وقال ترمب للصحافيين في البيت الأبيض: «إذا اقتربنا من التوصل إلى اتفاق… فإنني قد أمدد المهلة لفترة قصيرة».
وبالأمس، قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض سارة ساندرز إن الرئيس الأميركي يعكف على تقييم الاحتمالات المختلفة بشأن كيفية التعامل مع مهلة الأول من مارس للوصول إلى اتفاق تجاري مع الصين.
وقالت ساندرز أيضاً إن الوصول إلى اتفاق لإنهاء الحرب التجارية بين العملاقين الاقتصاديين سيحتاج إلى اجتماع مباشر بين ترمب وشي، مضيفة أن منتجع «مار – آ – لاغو» في بالم بيتش بولاية فلوريدا سيكون موقعاً جيداً لمثل هذا اللقاء.
وفي ديسمبر (كانون الأول) 2018، علقت واشنطن لـ3 أشهر خطط ترمب زيادة الرسوم على ما قيمته 200 مليار دولار من السلع الصينية المستوردة، من 10 في المائة حالياً، إلى 25 في المائة، وذلك لإتاحة الوقت أمام المفاوضات.
وقال منوتشين، في تصريحات مقتضبة للصحافيين في بكين مساء الثلاثاء، إنه يتطلع لإجراء المحادثات. وقال: «نتطلع لبضعة أيام مهمة من المحادثات». وغادر منوتشين ومسؤولون أميركيون آخرون فندقهم الأربعاء من دون الإدلاء بتعليق. وسيترأس الوفد الصيني نائب رئيس الحكومة ليو هي، وحاكم البنك المركزي يي غانغ.
وكان الجانبان أكدا إحراز تقدم كبير في محادثات الشهر الماضي في واشنطن، لكن التصريحات المتعاقبة كانت أقل تفاؤلاً، ما أثار قلقاً في الأسواق المالية، وعزز المخاوف من كيفية تأثير النزاع على النمو العالمي الهشّ. وتطالب واشنطن بتغيير ممارسات صينية تعتبرها غير عادلة، منها سرقة التكنولوجيا الأميركية والملكية الفكرية، ورفع معوقات عدة أمام الشركات الأجنبية في السوق المحلية الصينية. وعرضت الصين زيادة وارداتها من السلع الأميركية، لكنه من المتوقع أن تعارض مطالبات بإدخال تعديلات كبيرة على سياساتها الصناعية مثل خفض الدعم الحكومي. وتبادلت الدولتان فرض رسوم على أكثر من 360 مليار دولار من التجارة فيما بينهما، ما أرخى بثقله على الأسواق المالية العالمية.
وحذّر صندوق النقد الدولي الأحد الماضي من «عاصفة» اقتصادية عالمية محتملة وسط تراجع توقعات النمو العالمي، مشيراً إلى الخلاف التجاري الأميركي – الصيني كأحد أسبابه الرئيسية.
وسجلت الأسواق العالمية ارتفاعاً بعد تلميح ترمب عن تمديد المهلة. وارتفع المؤشر «نيكي» الياباني مقترباً من أعلى مستوياته في شهرين أمس، بفعل التفاؤل بأن واشنطن وبكين تقتربان من اتفاق لإنهاء نزاعهما التجاري. وصعد «نيكي» 1.3 في المائة إلى 21144.48 نقطة، في أعلى إغلاق للمؤشر القياسي منذ 17 ديسمبر (كانون الأول). وتقدم المؤشر «توبكس» الأوسع نطاقاً 1.1 في المائة إلى 1589.33 نقطة.
كما ارتفعت بورصة هونغ كونغ 0.4 في المائة، وشنغهاي 0.2 في المائة، على خطى بورصة وول ستريت، في أعقاب الأنباء.
كما ارتفعت الأسهم الأوروبية حيث تعززت الأسواق العالمية بحالة التفاؤل حيال محادثات التجارة، وأظهرت البيانات أن توقعات نمو أرباح الشركات الأوروبية لم تعد تتراجع للربع الرابع بعد تعديلات عميقة بالخفض.
وفي الساعة 08:29 بتوقيت غرينتش، صعد المؤشر «ستوكس 600» الأوروبي 0.4 في المائة، في حين زاد المؤشر «داكس» الألماني الحساس للتجارة 0.6 في المائة، وارتفع «كاك 40» في بورصة باريس 0.4 في المائة.
غير أن بعض المحللين أبدوا حذراً، مشيرين إلى العمل الهائل الذي يتعين إنجازه قبل التوصل لإطار اتفاق. وحذّر جيفري هالي، المحلل الكبير لدى مركز «أواندا»، من أن «ارتفاع الأسواق كان مبنياً على الأمل على أساس اتفاقيات ملموسة تم التوصل إليها ليلاً»، متوقعاً تقلبات لفترة قصيرة مع صدور نتائج اجتماعات بكين.