في 17 تموز 2021، قبل تشكيل حكومة نجيب ميقاتي بشهرين تقريباً، أصدر وزير الصحة السابق حمد حسن بيانا أعلن فيه “فتح باب الإستيراد الطارئ والتسجيل السريع لأنواع الأدوية المفقودة في السوق المحلي بموجب موافقة مسبقة من وزارة الصحة العامة، مع الإلتزام بالضوابط الفنّية ومعايير الجودة المعتمدة، على أن يستكمل المستورد الوثائق المطلوبة خلال ثلاثة أشهر من تاريخ الإستيراد”. وهذا ما حصل.
بعد قرار حسن بساعات قليلة حصل اجتماع في قصر بعبدا بين المعنيين بقطاع الدواء، ورئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب ورئيس الجمهورية ميشال عون، وحضره حسن الذي شعر أن اللقاء يهدف للضغط عليه للتراجع عن قرار فتح باب الإستيراد الطارئ، فقرار كهذا هو من المحرّمات بقاموس الشركات الكبرى المستوردة للدواء في لبنان.
انتهى اللقاء على تأكيد وزير الصحة السابق لقراره، ولأجل تسريع العمل أصدر قراراً حمل الرقم 1119 شكّل بموجبه لجنة استشاريّة لمساعدة اللجنة الفنّية المعنيّة بتسجيل الأدوية، مؤلفة من 6 أطبّاء يمثّلون 4 جامعات كبرى، ونقابة الصيادلة وعضو مقرر، ومهمّة اللجنة درس ملفّات الأدوية وتقديم الرأي للجنة الفنّية لمساعدتها على تسريع العمل.
يُشير وزير الصحة السابق الى أن الهدف من قراره كان واضحاً، وهو مواجهة نقص الدواء الموجود في الأسواق لأسباب مختلفة، مشدداً في حديث لـ”النشرة” على أنّ فتح الباب للإستيراد الطارئ لم يكن يعني استعمال أدوية متدنيّة الجودة، إنما التوجّه نحو أدوية الجنيريك الأرخص، وهذا ما حاولنا أن نقوم به.
تقدمّت طلبات استيراد وتمت الموافقة على بعضها، وتوجهت الشركات الصغيرة الى الهند لشراء الأدوية، فهي تعدّ ثالث أكبر منتج أدوية في العالم، وترفد السوق الأوروبّي بحوالي 30 بالمئة من حاجاته الدوائيّة، من الجنيريك، رغم كل ما تحاول الشركات العالميّة الكبرى القيام به من تشويه لصورة الهند ومصانعها عبر القول أنّ أدويتها مزوّرة، لوضع حدّ لانطلاقتها الصاروخية في عالم إنتاج الدواء.
اشترت الشّركات الأدوية ووصلت الى مطار بيروت الدولي، حيث يُفترض أن تقوم وزارة الصحّة أو أصحاب البضائع بأخذ عينات لفحصها في مختبرات مُعترف بها كمختبر الجامعة الأميركية ومختبر الجامعة العربيّة، ولكن ما حصل بعد تشكيل الحكومة الجديدة ووصول الوزير فراس أبيض الى وزارة الصحّة، كان مغايراً، إذ أنّ باب الاستيراد الطارئ “أُقفل” ولو دون قرار بذلك، واللجنة الاستشاريّة طارت، والأدوية لا تزال عالقة في مطار بيروت، فلا الوزارة أخذت العيّنات لفحصها تمهيداً لعرضها في السوق بحال كانت النتائج جيّدة، ولا سُمح لأصحابها بأخذ العيّنات لفحصها.
علمت “النشرة” أن أصحاب الأدوية تلقّوا الوعود بحل مشكلتهم قريباً، ولكن لماذا حصلت المشكلة منذ البداية؟! هل هي بسبب ضغط الشركات الكبرى الذين كانوا أول من اعترض على قرار فتح باب الاستيراد الطارئ يوم حَرَموا السوق من الأدوية بسبب رفضهم لأسعارِها؟! وهل يُدرك فراس أبيض أنّ البلد بحال طوارئ. لا يمكن تحقيق مصلحة المواطن ومصالح الشركات في وقتٍ واحد، وعلى وزير الصحة وأعضاء اللجنة الفنّية النائمين على كتف الشركات أن يدركوا ذلك جيدا، إذ آن الاوان لتقديم مصلحة المواطن على كل شيء آخر.