تمر نحو 80 في المائة من تجارة الهند مع أوروبا التي تقدر بنحو 15 مليار دولار شهرياً، عبر البحر الأحمر المستهدف من قبل الحوثيين، لكن ارتفاع تكاليف الشحن وارتفاع أسعار النفط يثيران المخاوف من تجدد التضخم العالمي، وهو ما سينعكس على اقتصاد الهند.
وفي المقابل، تسببت الهجمات بضرر لواردات الهند لا سيما زيت دوار الشمس، علماً أن الهند هي أكبر مشترٍ لهذه السلعة في العالم وتحصل على معظم وارداتها منه من منطقة البحر الأسود عبر البحر الأحمر.
من هنا، فمن المتوقع أن تتراجع واردات الهند من زيت دوار الشمس في الأشهر المقبلة؛ إذ سيدفع ارتفاع الأسعار، نتيجة ارتفاع أسعار الشحن، المشترين إلى التحول للزيوت النباتية المنافسة المتاحة بسعر مخفض، وفق ما ذكر تجار لوكالة «رويترز».
وكانت هجمات الحوثيين الأخيرة أجبرت شركات الشحن على إعادة توجيه التجارة بين أوروبا وآسيا حول أفريقيا، مما أدى إلى زيادة الوقت والتكاليف.
وقال الرئيس التنفيذي لمجموعة «صنفين»، وهي شركة وساطة للزيوت النباتية، سانديب باجوريا، إن أسعار الشحن المرتفعة رفعت تكلفة زيت دوار الشمس فوق تكلفة زيت الصويا في الهند للمرة الأولى منذ عام تقريباً.
وأضاف: «كانت واردات زيت دوار الشمس قوية في الأشهر القليلة الماضية بسبب الميزة السعرية التي كانت تتمتع بها مقارنة بزيت الصويا، لكنها فقدت هذه الميزة بسبب ارتفاع الشحن».
وقال تجار إن واردات زيت دوار الشمس الخام معروضة حالياً بنحو 943 دولاراً للطن، بما في ذلك التكلفة والتأمين والشحن، في الهند، لتسليم فبراير (شباط)، في حين يتم عرض زيت الصويا الخام بنحو 935 دولاراً وزيت النخيل الخام بسعر 933 دولاراً.
وقبل شهرين، كان سعر زيت دوار الشمس يتداول بخصم قدره 120 دولاراً للطن مقارنة بزيت الصويا، الأمر الذي شجع التجار الهنود على زيادة واردات زيت دوار الشمس.
وفي ديسمبر (كانون الأول)، تضاعفت واردات الهند من زيت دوار الشمس أكثر من الضعف مقارنة بالشهر السابق لتصل إلى 260850 طناً.
وارتفعت واردات زيت الصويا في ديسمبر بنسبة 1.8 في المائة إلى 152650 طناً، لكنها ظلت أقل بكثير من متوسط الواردات البالغ 306000 طن في السنة التسويقية المنتهية في أكتوبر (تشرين الأول) 2023.
وقال الشريك الإداري في شركة تجارة زيت الطعام والوساطة «جي جي إن للأبحاث»، راجيش باتيل، إن واردات زيت دوار الشمس قد تنخفض في يناير (كانون الثاني) إلى 225 ألف طن؛ إذ من المرجح أن تقفز واردات زيت الصويا إلى أكثر من 230 ألف طن.
وأضاف باتيل: «في الأشهر المقبلة ستنخفض واردات زيت دوار الشمس إلى نحو 200 ألف طن إذا استمر اتجاه الأسعار الحالي».
وتشتري الهند زيت النخيل بشكل رئيسي من إندونيسيا وماليزيا وتايلاند، في حين تستورد زيت الصويا وزيت دوار الشمس من الأرجنتين والبرازيل وروسيا وأوكرانيا.
وتقدم الأرجنتين حالياً زيت دوار الشمس بأسعار أكثر تنافسية من الإمدادات القادمة من دول منطقة البحر الأسود، حسبما قال تاجر مقره مومباي مع بيت تجارة عالمي. وأضاف أن تعطل الشحن في البحر الأحمر سيدفع الهند إلى شراء المزيد من زيت الصويا من أميركا الجنوبية وكميات أقل من زيت دوار الشمس من منطقة البحر الأسود.
«بريمارك» تواجه تحديات في سلسلة التوريد
قال المدير المالي لشركة «أسوشييتد بريتيش فودز» يوم الثلاثاء إن شركة «بريمارك» للملابس التابعة لها تتعامل حالياً مع تعطل شحنات البحر الأحمر، وتأمل ألا يلاحظ العملاء أي اختلاف في المخزون في المتاجر.
وأدت الهجمات التي تشنها جماعة الحوثي المتحالفة مع إيران على سفن في البحر الأحمر وما حوله منذ نوفمبر (تشرين الثاني) إلى تباطؤ التجارة بين آسيا وأوروبا، وأثارت قلق القوى الكبرى من تصعيد للحرب بين إسرائيل وحركة «حماس» في غزة، وفق «رويترز».
ويمكن لطريق الشحن البديل حول رأس الرجاء الصالح في جنوب أفريقيا أن يضيف 10 إلى 14 يوماً إلى الرحلة مقارنة بالمرور عبر البحر الأحمر وقناة السويس.
وقال المدير المالي لشركة «أسوشييتد بريتيش فودز»، إيوين تونغ، لـ«رويترز»: «لدينا القليل من الخبرة في التكيف مع سلسلة التوريد الخاصة بنا، لذلك يمكنك التعديل – تعديل توقيتاتك، وضبط تدفق مخزونك عبر المستودعات وما إلى ذلك. نحن نقوم بإجراء تحديثات على التداول مع عملائنا».
وأضاف: «نأمل ألا يلاحظ العملاء ذلك أبداً في المتاجر. قد يلاحظ بعض مديري متاجرنا أن الأجزاء الصغيرة قد تتأثر، ولكننا لا نعتقد أنه ينبغي على العميل أن يتأثر كثيراً».
وقال تونغ إن «بريمارك» تراقب الوضع في البحر الأحمر عن كثب وتتحدث مع شريكتها للشحن «ميرسك» على مستوى رفيع بشكل منتظم.
وأضاف: «نتوقع أن نرى زيادة في الرسوم الإضافية من شركة (ميرسك)، لكننا لا نتحملها في الوقت الحالي. بالنظر إلى الطريقة التي تعمل بها تعاقداتنا، وبشكل عام، كيف نرى السوق، لا نعتقد أنها ستكون بهذه المادة».
وأشار إلى أنه إذا استمر اضطراب البحر الأحمر بعد «عيد الفصح»، فسيتعين على «بريمارك» تقديم طلبات مبكرة مع الموردين.
وأضاف: «هذا يعني أننا سنحمل كمية أكبر من المخزون، وسيكون هناك المزيد من المخزون في المياه»، عادّاً أن استخدام الشحن الجوي لن يكون اقتصادياً أو مستداماً.
ولم يتوقع تونغ أي تحركات كبيرة في الأسعار من «بريمارك» في عام 2023-2024.
وحذرت شركة «ريفال نكست» وشركة «بيبكو غروب» المنافسة من أن مشكلة طويلة الأمد في منطقة البحر الأحمر قد تؤثر على الإمدادات في الأشهر المقبلة.