أزمة الكهرباء في لبنان: حلول كثيرة تفتقد إلى قرار سياسي جامع

الحل سهل جداً شرط توفّر النية السياسية… هذه العبارة طالما تكرّرت كل عام في كل مرة يُطرح ملف أزمة الكهرباء في رحلة البحث عن الحلول والمعالجات… إنما حتى اليوم لم تلجأ القوى السياسية إلى خيار الحل الجذري، بل لا تزال تستسهل “الترقيع” حتى إشعارٍ آخر!

“مشكلة الكهرباء في لبنان بنيوية… للأسف” يقول الخبير الاقتصادي والمالي الدكتور محمود جباعي “إنما غير مستعصية، لكن السياسيين يجعلونها كذلك، بينما لها حلول كثيرة”.

ويقول لـ”المركزية”: بعض القوى أو الجهات ربما مستفيد من عدم توفّر الكهرباء في البلاد. في حين لا يجوز في العام 2024 الاستمرار في البحث عن آلية توفّر ساعات تغذية محدودة للمواطنين! من هنا، الحل قد يكون سهلاً للغاية في حال توفّرت النية الحقيقية للتعاون على تنفيذ الحل.

ويشير جباعي في السياق، إلى “عروض عديدة تقدّمت إلى الجانب اللبناني لإنهاض قطاع الكهرباء في لبنان، من شأنها أن تحل المشكلة جذرياً، لكنها كانت تواجَه بالرفض لأسباب مُبهَمة”، ويتابع: نلاحظ أن معالجة هذا الملف دائماً مُبهمة، ونحن كخبراء اقتصاد لم نعلم السبب حتى اليوم على رغم أن لبنان تلقى عروضاً كثيرة من دول وجهات عدة وعلى سبيل المثال لا الحصر، من دولة قطر، من شركة “سيمنز” الألمانية التي قدّمت العرض الأفضل على الإطلاق والقابل للتنفيذ بمبلغ يقلّ عن 2 مليار دولار لحل مشكلة الكهرباء… إنما تم رفض كل تلك العروض واستمر الاعتماد على البواخر لإنتاج الكهرباء نظراً إلى استفادة البعض منها على حساب الشعب!”.

ويرى أن “مع وجود مشاريع الطاقة المتجددة في العالم كالطاقة الشمسية، والطاقة الهوائية، واستخراج الطاقة من المياه، وغيرها من الخيارات، يمكن حل أزمة الكهرباء بسهولة تامة… وحتى الآن لم نفهم لماذا لم يتم الاعتماد على أيٍّ منها؟!”، ويُضيف “من هنا، يتبيّن لنا غياب أي نية للمعالجة والدوران في الحلقة ذاتها”.

والجدير ذكره في هذا المجال، يتابع جباعي، أن “مصرف لبنان أنفق في السنوات العشر الأخيرة ما قيمته 24 مليار دولار على قطاع الكهرباء في حين تفتقد المناطق اللبنانية كافة إلى ساعة كهرباء واحدة من دون اللجوء إلى أي معالجة جذرية، باستثناء هبة الفيول العراقي التي لولاها لما توفّر للبنانيين ساعة كهرباء واحدة في بلد كلبنان لديه مصادر وقدرات هائلة لإنتاج الطاقة!”.

ولم يغفل الإشارة إلى “وجود مصفاتَين في الزهراني والبداوي اللتين لو تم تصليحهما كما يجب، لاستفاد منهما لبنان لتكرير النفط الأسود لاستجرار كهرباء بأسعار مقبولة… كما لدينا معامل كهرمائية على نهر الليطاني قد تؤمّن نحو ألف ميغاواط بدل 300 ميغاواط”.

وإذ يشير إلى “التلكؤ في معالجة ملف الكهرباء“، يرى جباعي أن الحل يكمن في “طرح عروض سريعة لمناقصات مبنيّة على مبدأ الـBOT أو الـPPP بين القطاعين العام والخاص، أو مزيج من التعاون بين الدولة وأصحاب المولدات الخاصة واستخدام الطاقة الشمسية لإنتاج الكهرباء بما يحل الأزمة بسهولة”.

إلا أن “على رغم كل الخيارات المتوفرة، لا نيّة حقيقية وجديّة لمعالجة أزمة الكهرباء في لبنان الذي لا يزال ينأى عن التطوّر العالمي في مجال إنتاج الطاقة حيث هناك دول عديدة بدأت تبيع الكهرباء من مواردها الطبيعية المتوفرة أيضاً في لبنان” على حدّ تعبيره.

وإذ يلفت إلى أن “حل أزمة الكهرباء هو أهم الإصلاحات التي يطالب بها المجتمع الدولي وصندوق النقد ونحن رجال الاقتصاد…” يبقى الملف “سياسي بامتياز” يختم جباعي.

مصدرالمركزية - ميريام بلعة
المادة السابقةماذا بعد رفع سعر صيرفة: اللولار إلى الواجهة!
المقالة القادمةقراءة في المشهد “النقديّ” في لبنان