مرّة جديدة، يحاول المواطن اللبناني التأقلم بما هو غير معقول، وقبول القرارات التي لا تناسبه ولا تناسب وضعه الإقتصادي الصعب، وآخر هذه القرارات كانت مع إرتفاع أسعار الإنترنت 3 اضعاف اعتبارا من اول ايلول الحالي .
فبعد أن أقرّ مجلس الوزراء زيادة تعرفة الإتصالات عبر الشبكة الثابتة والإنترنت من “أوجيرو” سبعة أضعاف، وقع الخبر كالصاعقة على المواطن الذي ليس أمامه سوى قبول هذه القرارات المجحفة بحقّه.
وزير الإتصالات في حكومة تصريف الأعمال جوني قرم، اوضح سابقًا أنّ زيادة التعرفة ستُعتمد للخطوط الثابتة التابعة لـ”أوجيرو” وليس للخليوي.
وكانت الوزارة قد رفعت تعرفتها حوالي مرتين ونصف المرة على هذه الخطوط من حوالي سنة وشهرين، عندما اعتُمد سعر صرف الدولار حوالي 3750 ليرة. أمّا “الزيادة الحالية والتي ارتفعت إلى 7 أضعاف، فاعتمدنا فيها سعر 25500 ليرة للدولار”، وفق قرم .
وبناءً على قرار مجلس الوزراء ووزارة الإتصالات بالمرسوم رقم ٩٤٥٨، إعتبارًا من ٠١/٠٩/٢٠٢٣ سوف يتم تعديل أسعار الباقات كافة. لتصبح أسعار الباقات على الشكل التالي:
MB 25$ 2
MB 30$ 3
MB 35$ 4
MB 40$ 6
MB 50$ 7
MB 65$ 9.
هذه الرسالة، تمّ توزيعها على كافة المواطنين ليدرك موزّعو الخدمة أنّ النّاس ستعتاد على هذه التسعيرة الجديدة”.
ماريا لم تستوعب أنّ فاتورة الإنترنت ستتخطّى الـ20 دولارًا وهي التي لا يتجاوز راتبها الـ 150 دولارا. فقرّرت قطعه، مؤكّدةً أنّها ستبدّل “إنترنت الكابل” بخدمة “ألفا أو تاتش”، لأنّها باتت أوفر من خدمات الشركات.
وبحسب ما قالته للدّيار، “هناك استغلال واضح للناس، فالكلّ يعلم أنّ الإستغناء عن الإنترنت أمرٌ مستحيلٌ لأنّ الإنترنت اليوم يعني الوجود، والإستغناء عن الإنترنت هو الإبتعاد عن الواقع”.
وتضيف: “مهما علت تعرفتها، ستبقى هذه الفاتورة بأهمية المأكل والمشرب للنّاس، لكنّ الإنترنت سيصبح فقط للأغنياء بعد اليوم”.
يرى المواطنون اللبنانيون أنفسهم أمام تحدياتٍ جديدةٍ. وما بين الرفض والقبول، خطٌ فاصلٌ يعيشه من استوعب الوضع.
سيمون إبن المنطقة، “يقول إنّه أراد أن يحتال على هذه القرارات المجحفة بحقّه وبحقّ أهالي البلدة” ويضيف في حديثه للدّيار “إنّه وسرعان ما وصلته هذه الرّسالة، اتّفق مع جاره على خطةٍ “ذكيةٍ” لم يفكّر بها من قبل. سيقطع الإنترنت من بيته، وسيمدّ كابلًا من منزل جاره”.
ويفسّر: “جاري يصرف شهريًا 2 MB لأنّها تكفيه له ولزوجته. ولكن، لتصبح الخدمة أسرع وأعلى جودةً، قرّرنا سويًا أن يستخدم خدمة الـ4 MB
بـ 35$، وفي هذه الحالة سأعطيه شهريًا نصف المبلغ، أي 17.5 دولار.
ويتأسف أنّ الإنترنت باتت حكرًا على الأغنياء فقط، أمّا نحن الضعفاء “سنقسّم فاتورة الإنترنت بين بعضنا بعضًا”.
*موزّعو خدمة الإنترنت في مأزق..
يُقرّ رودي وهو أحد موزّعي خدمة الإنترنت في منطقة حريصا، “أنّ ردّة فعل النّاس كانت مُتوقّعة، لأنّ الأوضاع الماليّة الصّعبة جعلتهم غير مطمئنين من الآتي، خصوصًا وأنّ الأسعار والفواتير من سيىء إلى أسوأ”.
ويقول في حديثه للدّيار، “إنّ كافة الأسعار والسّلع والخدمات باتت بالدوّلار، ونحن منذ بدء الأزمة، جميع المعدّات والمستلزمات في هذا القطاع نقوم بشرائها بالدولار الفريش، بما في ذلك البطّاريات، تأمين الكهرباء 24/24، وصيانة المعدّات والمكنات”.
ويتابع: “في حال حصلت أيّ مشاكل في قطاعنا، نتيجة عوامل مناخيةٍ أو تقنيةٍ سيتمّ حلّ هذه المشاكل بالدّولار، لاسيّما أنّ اليد العاملة أيضًا باتت بالدّولار في حال جاء مختصّ لحلّ أي مشكلةٍ نواجهها”.
أمّا الـ”كاش سورفر” “يتمّ دفعها لدى الشّركات التي بوسعها تأمين هذه الخدمة، أو سيتمّ الإعتماد على شرائها من خارج البلد، بأسعارٍ مرتفعةٍ.
هذه الخدمة تحديدًا، ليست متوفّرة لدى أوجيرو، لأنّها تعطي الزبون الإتصال الحقيقي والمباشر، لهذا السبب وتيرة خدمات أوجيرو أبطأ من الشركات الخاصة التي توزّع إنترنت في الأحياء، مثل حالتنا”.
ويقول:” نحنُ نؤمّن ما لم تستطيع الدّولة أن تؤمنه، لاسيّما في منطقة غوسطا، لأنّ خطوط السانترال ليست مؤهلة، وبالتالي سكّان المنطقة محرومون من خدمات أوجيرو.
وبالتالي خدمة الـ80 دولارا أعلى بكثير من خدماتنا، وما نحاول أن نقوم به في الوقت الحالي، دراسة فواتير العسكر بما فيهم قوى الأمن والجيش”.