مع اقتراب الحرب السورية من نهايتها، تكثف روسيا جهودها الرامية لإعادة إعمار وتحديث البنية التحتية السورية المدمرة جراء العمليات القتالية والمعارك التي دارت في البلاد منذ 2011.
وأكد الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في وقت سابق من العام الجاري، انتهاء “الأعمال القتالية الواسعة فعلا” في سوريا، مشددا على ضرورة مساعدة السلطات السورية في بعث اقتصاد البلاد وبنيتها التحتية.
وبعد أن أنفقت روسيا خلال السنوات الماضية أكثر من مليار دولار لمساعدة إصلاح البنية التحتية السورية، أعلنت الحكومة الروسية، اليوم الثلاثاء، في إطار هذا النهج، عن إطلاقها حزمة من الإجراءات الخاصة بالاستثمار في الاقتصاد السوري للإسهام في الإسراع بإعادة إعمار البلاد خلال فترة ما بعد الحرب، والتي هدفت إلى تطبيقها زيارة نائب رئيس الوزراء الروسي، يوري بوريسوف، إلى سوريا، حيث أجرى محادثات واسعة مع رئيسها، بشار الأسد، وعدد من المسؤولين المحليين.
وفي غضون ذلك، ذكر بوريسوف من دمشق، خلال تصريحات صحفية، أن روسيا تنوي استثمار 500 مليون دولار أمريكي لتطوير ميناء طرطوس، الذي يستأجره الجانب الروسي منذ العام 2017 في إطار عقد أبرم لمدة 49 سنة.
وقال بوريسوف إن “الجانب الروسي يعتزم إصلاح عمل الميناء القديم وبناء ميناء تجاري جديد” في طرطوس، موضحا أن “مبلغ الاستثمارات في السنوات الـ 4 المقبلة يقدر بـ500 مليون دولار”.
وأشار نائب رئيس الوزراء الروسي إلى أن طرطوس تم فيها، على الرغم من قلة درجة التشغيل في الميناء، خلق 3.7 ألف فرصة عمل، مبينا أن الخطط الروسية تشمل تطوير الميناء بقدر يصل إلى المستوى الحديث.
وفي هذا السياق، لفت بوريسوف إلى أن خطة الجانب الروسي تتضمن إصلاح سكك الحديد القديمة ومد خطوط جديدة في بعض المناطق لتمر عبر سوريا والعراق من أجل إنشاء ممر نقل يربط البحر الأبيض المتوسط بالخليج، الأمر الذي سيزيد، وفقا للمستثمرين، من عمليات الشحن عبر الميناء السوري.
هذه الخطط تم تناولها خلال لقاء بوريسوف مع الأسد، حيث أوضح رئيس الوزراء الروسي أن المحادثات بين الجانبين شملت دائرة من “المواضيع المهمة المتعلقة بمشاريع كبرى تخص إعادة بناء الاقتصاد السوري، وعلى رأسها مسائل إعادة إعمار البنية التحتية في المطارات وسكك الحديد وسيارات الطرق في سوريا”.
من جهة أخرى، أعلن بوريسوف أن روسيا أعادت العمل في مصنع الأسمدة الكيميائية الوحيد في سوريا والواقع بأراضي محافظة حمص بعد انقطاع في نشاطه استمر لسنوات بسبب الأعمال القتالية في المنطقة، وتخطط لإدخال منتجاته إلى الأسواق الإقليمية.
وقال بوريسوف إن “من المخطط، في إطار صفقة الاستثمارات الخاصة بإصلاح وتحديث معمل الأسمدة الكيميائية في حمص والتي تستغرق مدتها 40 عاما، لتخصيص 200 مليون دولار في عمل المصنع”، مبينا أن “هذا الأمر يمثل خطوة مهمة بالنسبة إلى الجانب السوري من أجل تطبيع الحياة الاقتصاد في البلاد، لأن ذلك سيسمح بالحفاظ على فرص العمل الموجود مع خلق فرص عمل جديدة”.
وأشار إلى أن المصنع يعمل فيه أكثر من 1.5 ألف شخص ويجري حاليا هناك تبديل المعدات القديمة بالجديدة ورفع معايير البيئة خلال الإنتاج، مشددا على أن روسيا تخطط لنقل منتجات هذا المصنع إلى أسواق دول أخرى في الشرق الأوسط.