تحديات اختيار التخصص الجامعي ستكبر مع جائحة كورونا والانهيار الاقتصادي واستمرار تفشي البطالة في صفوف حملة الشهادات. رغم ذلك، تتيح الأزمة منافذ أمل وتفتح أبواباً أمام مهن وتخصّصات. فكما تأثرت بعض المهن بالأزمة الاقتصادية ازدادت الحاجة إلى مهن أخرى في «السوق اللبناني الجديد»
في الغالب، لا يدرك الطلاب، بحسب اختصاصيين في التوجيه العلمي والمهني، ما هي الاختصاصات المتاحة أمامهم في مجالات محددة. فالمتخرّجون من المرحلة الثانوية غير مطّلعين على المواد التي سيدرسونها في الجامعة. وفي الأغلب ينبهرون بالسمعة المتداولة حول اختصاص ما (مصدرها أحاديث الأهل، الرفاق، الجيران، الإعلام …)، قيُقدِمون عليه ليُفاجأوا، خلال العام الجامعي، بعدم قدرتهم على الاستمرار. والسبب يعود، بحسب الموجّهين، إمّا إلى عدم توافر المهارات الشخصية لدى الطالب نفسه لمتابعة الاختصاص، أو لوجود مصاريف جانبية لم يحسب الطالب وأهله لها حساباً.
مدير المركز الإسلامي للتوجيه والتعليم العالي، علي زلزلة، يلفت إلى أن سوق العمل في لبنان «كان ولا يزال ضيقاً. وصار مع جائحة كورونا والأزمة الاقتصادية أضيق، فتراجعت الفرص والخيارات. وفي ظل الغياب التام للدولة وعدم إظهارها أي نيّة لدعم القطاعات الإنتاجية والمشاريع الاقتصادية، صار خيار الهجرة مطروحاً بقوّة». لذلك «يمكن تفهّم إحباط الطلاب المقبلين على المرحلة الجامعية أو الذين يرغبون في تغيير تخصصهم الجامعي ويعجزون عن تحديد تخصص بديل».
الباحث التربوي والنفسي هشام شحرور لا يوافق على مقولة أن «البطالة في ظل الأزمة الاقتصادية تطال كل المهن»، مشيراً إلى أن ندرة الدراسات التي تحدد احتياجات سوق العمل وغياب التوعية المهنية، يؤديان إلى ضياع الطلاب واختلال التوازن في السوق المحلي، فيعاني بالتالي من تخمة في بعض الاختصاصات ونقص في أخرى.
وكما تأثرت بعض المهن بالأزمة الاقتصادية ازدادت الحاجة إلى مهن أخرى في «السوق اللبناني الجديد»، كما يسميه الأستاذ في كلية العلوم في الجامعة اللبنانية مازن كردي. إحدى المهن التي «ستزدهر»، كما قال، هي صناعة الأدوية، بسبب «التوجه إلى رفع الدعم عن الدواء أو بالحد الأدنى ترشيده قريباً والذي سيشمل دعم الدواء الجنيس (generic) المصنّع محلياً، إضافة إلى دعم الصناعة الوطنية ليشمل إنتاجها عدداً أكبر من الأدوية المحليّة، وخصوصاً أدوية الأمراض المزمنة والمستعصية». لذلك يشجع كردي الطلاب الذين درسوا الكيمياء وعلوم الحياة على التخصص في صناعة الأدوية في السنة الثانية من مرحلة الماجستير، كذلك الأمر بالنسبة لمن درس الصيدلة، إذ يمكنه دراسة هذا التخصص من خلال سنة إضافية.