صدرت عدة مواقف وتصريحات نيابية في اليومين الماضيين، بعد اجتماعات مع بعثة صندوق النقد الدولي التي تزور لبنان حالياً، لا يُفهم منها إلا أنّ الاتفاق الذي وقعته الحكومة في نيسان 2022 انتهى أو مات، ويتقاذف المعنيون المسؤولية عن دفنه. فالصيغة التي أقرّ بها الاتفاق لا يمكن أن يقبل بها معظم القوى السياسية الوازنة في البرلمان. ويذكر أنّ «الثنائي الشيعي» كان أول من اعترض على ذلك الاتفاق عندما حجب وزراؤه العام الماضي موافقتهم عن خطة الحكومة للتعافي والاصلاح المبنية على الاتفاق المذكور، واختلقت يومها ذريعة «رفض الشطب من الودائع».
وأكدت مصادر متابعة «ان الاجتماعات التي عقدت بين نواب وبعثة الصندوق اصطدمت بعقبة كبيرة كفيلة بنسف الاتفاق، ألا وهي قضية الودائع».
وأوضحت المصادر «أنّ البعثة كانت واضحة جداً لجهة رفض فكرة صندوق استرداد الودائع، كما رفضت أي توسع في استخدام أصول الدولة لإطفاء خسائر القطاع المصرفي وكبار المودعين الأثرياء المقربين من المنظومة على اختلاف تلاوينها. في المقابل هناك إصرار نيابي عريض عابر لمعظم الكتل المردّدة لشعارات «قدسية الودائع» و»الودائع خط أحمر» و»عدم المس بحقوق المودعين»… إلى آخر المقولات التي لا تجد بعثة الصندوق فيها أي واقعية، بل يمعن أصحابها في إنكار حقيقة ان هناك خسائر وقعت، والأنكى هو نغمة تحميل الدولة المسؤولية الأولى لتشريع استخدام أصولها كما صار واضحاً في طروحات الطبقة السياسية والطائفية».
وأكدت المصادر المتابعة «ان الصندوق ليس ضد ردّ كل الودائع لكل المودعين، على أن يسعى المعنيون لتنفيذ ذلك اذا استطاعوا من خارج الاتفاق مع الصندوق. فذلك الاتفاق، كما يراه خبراء الصندوق، لا يضمن الا ودائع حتى 100 الف دولار فقط، والباقي يخضع لـ «هيركات» وتحويل ودائع الى أسهم في البنوك وغيرها من الوسائل غير النقدية المباشرة».
وجزمت المصادر «بأن كل السيناريوات التي درسها الصندوق أكدت بما لا يقبل الشك استحالة تحميل الدولة الجزء الأكبر من الخسائر. وأن أي توسع في استخدام أصول الدولة وايرداتها لردّ الودائع ينسف مبدأ استدامة الدين العام، أي أن لبنان سيدخل في دوامة تعثّر لا يمكن للصندوق تغطيته».
أما لماذا يلف المعنيون ويدورون ولا يعترفون علناً برفضهم للاتفاق فذلك، وفق المصادر عينها، مقصود! إذ يراوغ السياسيون أمام المجتمع الدولي عموماً، واللجنة الخماسية، خصوصاً، التي يصرّ ممثلوها في كل مرة يعقدون فيها اجتماعاً على الزامية إجراء إصلاحات وفق «روشتة « الصندوق، خلاف ذلك لا ضمان لأي مساعدات وقروض كي لا تتكرر سيناريوات فشل مؤتمرات باريس 1 و2 و3 و»سيدر».
وختمت المصادر بالقول: «لذا نرى مسؤولين يتقاذفون الاتهامات بتحويل الأنظار الى تفاصيل مشاريع القوانين الإصلاحية من دون الاقتراب من الجوهر، وهو أن هناك اكثر من 72 مليار دولار خسائر، ولا يمكن للدولة المتعثرة والمصارف المفلسة تحملها كلها… لذا دعونا نراوغ الى ما شاء الله! علماً أن المعنيين يعلمون استحالة ردّ كل الودائع، لكنهم لا يريدون إغضاب المودعين، كونهم من الناخبين أو من اوليغارشية ثرية متحالفة مع المنظومة وتمولها!