إذا مرّ قطوع الموازنة في مجلس الوزراء ومجلس النواب على خير، وهذا أمر متوقع، فهذا لا يعني أن ترددات الوضع الاقتصادي قد انتهت.
لا يختلف اثنان على أن لبنان يمرّ بأوضاع اقتصادية صعبة ويظهر ذلك بشكل خاص من خلال انكماش السوق وهبوط البورصة وإقفال عدد كبير من المؤسسات وصرف مؤسسات أخرى بعض العاملين لديها.
لكن الأكيد حتى الساعة أن لا مسّ بمعاشات الطبقات الفقيرة والمحدودة الدخل بشكل مباشر، لكن فرض ضرائب غير مباشرة على بعض السلع الأساسية قد يؤدي إلى فورة شعبية.
وهذه الضرائب قد لا تدخل في صلب الموازنة، وربما تفرض في وقت لاحق إذا اضطر الأمر، وربما يأتي في سلّم الأولويات الضريبة على البنزين.
ورغم أنه ليس هناك اقتطاع من المعاشات إلا أن هناك باباً قد أقفل أمام اللبنانيين وهو التوظيف في القطاع العام، هذا القطاع الذي كان يقضي بطريقة أو بأخرى على نسب البطالة، مع أن إدارات الدولة تكتظ بالموظفين عن طريق المحاصصة أو التوظيف السياسي العشوائي.
وفي هذا الوقت تراقب عدد من النقابات وأصحاب المصالح تطوّرات الخطوات الحكومية للتحرّك عند الحاجة.
وفي وقت لا يعوّل كثيراً على النقابات لأنها ممسوكة من الطبقة الحاكمة، هناك ما بات يُعرف بالمجتمع المدني الذي قد يوجّه دعوات عبر وسائل التواصل الاجتماعي من أجل الثورة على الواقع، علماً أن الشعب اللبناني لا تشدّه الشعارات المطلبية مثل الشعارات السياسية.
لكن النقابات تؤكد هذه المرّة أنها لن تسكت إذا اتّخذت السلطة خطوات مجحفة تطال الطبقات الفقيرة والمتوسطة الدخل، وهي ستحشد للمواجهة الكبرى إذا استدعى الأمر ذلك.
من جهة ثانية هناك أمور كثيرة قد تعوق تحرّك المجتمع المدني وأبرزها:
أولاً، أن تجربة الحراك المدني خلال أزمة النفايات عام 2015 لا تشجّع لأنها لم تصل إلى خواتيمها السعيدة.
ثانياً، عدم وجود قيادة موحدة لمثل هكذا حراك.
ثالثاً، الخوف من طرح شعارات كبيرة مثل إسقاط النظام في حين أن المطالب حياتية معيشية.
رابعاً، تخوّف بعض اللبنانيين من انجرار الوضع نحو العنف والاتجاه نحو سيناريوهات شبيهة بسيناريو سوريا مع أن العوامل مختلفة كلياً.
خامساً، الخوف من أن ينمّ استغلال مثل هكذا تظاهرات لأمور سياسية أو تدخّل بعض الأجهزة الخارجية لحرفها عن مسارها.
وأمام هذا الواقع يبدو أن لبنان يعيش فورة شعبية على وسائل التواصل الاجتماعي من المرجّح أن لا تصل إلى ثورة حقيقية على الأرض لأن كل زعيم متحصّن بطائفته.