إعلان هيئة التنسيق النقابية الإضراب، اليوم، رفضاً لرفع الدعم خصوصاً، تحوّل إلى مادة للسخرية على مواقع التواصل الاجتماعي، بما أن الهيئة استفاقت من سبات دام 3 سنوات، بعدما نفّذ آخر تحرك لها قبل نحو شهر من إقرار سلسلة الرتب والرواتب في آب 2017. من الأساتذة من علّق على خطوة الهيئة بأن «الهمم دلقت عندما احتدم المشهد السياسي بالبلد ووصل إيعاز أحزاب السلطة للهيئات والنقابات بالتحرك»، فيما تحفظت الأطر النقابية المعارضة لأداء روابط هيئة التنسيق، مثل «لقاء النقابيين الثانويين» و«التيار النقابي المستقل»، على ما سمّته «دعوة مشبوهة لجهة توقيت الإضراب ودوره وشرعيته وخلفياته الحقيقية، في غياب خطة عمل واضحة لتصويب المسار النقابي وخلق موازين قوى جديدة، واستعادة الشارع بآليات ومقاربات نقابية مختلفة». وجرى الحديث عن خروق ستشوب الإضراب، بعدما قرر بعض الأساتذة عدم الالتزام به في التعليم الرسمي والخاص على السواء. وبناءً عليه، كانت هناك دعوات حزبية للأساتذة لإنجاح الإضراب وعدم السماح بـ«شق وحدة العمل النقابي».
عضو «لقاء النقابيين الثانويين»، يوسف كلوت، قال لـ«الأخبار» إنه «لا قيمة نقابية لإضراب لا يأتي ضمن برنامج مواجهة مفتوح مع السياسات الحكومية النيابية المندرجة ذاتياً وموضوعياً ضمن مفرمة إملاءات البنك الدولي المدمرة للوظيفة العامة والتعليم الرسمي، ويستهدف إعادة القدرة الشرائية لرواتب الأساتذة ومكانتهم الوظيفية وتطوير التعليم الرسمي». ووصف إضراب الخميس بأنه «تحذيري، غير مسبوق وغير ملحوق بأي برنامج تحركات ضاغطة، وصادر عن روابط فاقدة لشرعية الدور النقابي بفعل تبعيتها المباشرة لمعادلات القوى الحكومية والنيابية، وعدم قدرتها حتى على القيام بدور الوسيط الذي يأتي بالفتات مقابل الولاء، ومنها من هو فاقد، إضافة إلى ذلك، لشرعية الانتخاب بالتمديد خلافاً للأنظمة، مثل الهيئة الإدارية لرابطة أساتذة التعليم الثانوي».
وكان اللقاء أكد في بيان أن الإضراب «لن يقدم ولن يؤخر أمام الانهيار الشامل في البلد الذي ضرب ما تبقى من الطبقة الوسطى، بمن فيهم مختلف فئات المعلمين والموظفين»، داعياً الأساتذة إلى «أخذ مصيرهم بأيديهم من خلال تحركات لا نهاية لها لاستعادة حقوقهم ومكتسباتهم والقرار النقابي الحر وتسوية وضعهم الوظيفي».
«التيار النقابي المستقل» ذهب في اتجاه الدعوة إلى «تجديد الأدوات النقابية بعيداً عن الاستعراضات». ورأى القيادي في التيار جورج سعادة أن روابط هيئة التنسيق «باتت أدوات للاشتباك السياسي بين أحزاب السلطة، في حين أن المطلوب إعادة رسم مفهوم العمل النقابي بعد انتفاضة 17 تشرين، باعتبار أنه لم يعد عملاً مطلبياً بقدر ما هو عمل سياسي مرتبط بتغيير المنظومة السياسية بعد الانهيار الذي أصابها». ولفت التيار في بيان إلى أنّ الإضراب «أثار تساؤلات حول توقيته وأهدافه التي جاءت متناغمة مع المناكفات السياسية بين أجنحة النظام المتهالك حول تحاصص ما تبقى من أشلاء الدولة من دون رؤية أو برنامج، والدعوة تذكّرنا بدعوات الاتحاد العمالي العام المرتبطة بأجندات سياسية، كما حصل عندما دعا إلى التحرك ومن ثم تراجع عنه».
إلا أن مكونات هيئة التنسيق ترفض هذا الاتهام، إذ أشار ممثلوها إلى أن الأنظمة الداخلية لا تسمح بإضراب أكثر من يوم إذا لم تجر العودة إلى مجالس المندوبين والجمعيات العمومية، لذا تمت دعوة المجالس إلى الانعقاد ورفع توصيات بالخطوات المقبلة بعد عطلة الأعياد، كما سيعقد مؤتمر صحافي اليوم لشرح أهداف التحرك.
رئيس رابطة المعلمين في التعليم الأساسي الرسمي حسين جواد دعا إلى «التصديق ولو لمرة واحدة بأن العمل النقابي الحالي لا يجري بإيعاز سياسي»، فيما أشار رئيس رابطة أساتذة التعليم الثانوي الرسمي نزيه جباوي الى «موقف متمايز لهيئة التنسيق عن الاتحاد العمالي العام، إذ لن نتراجع عن تحركنا كما فعل الاتحاد ما لم تترجم الوعود بعدم رفع الدعم إلى بيانات علنية».
في التعليم الخاص، الالتزام بالإضراب سيكون متفاوتاً بين مدرسة وأخرى. كثيرون ممن نالوا حقوقهم أبلغوا نقابة المعلمين، بحسب رئيسها رودولف عبود، أنهم لن يشاركوا في الإضراب.
وأشار إلى أن هناك توجهاً بعقد لقاءات للمعلمين خلال فترة الأعياد لاتخاذ الخطوات المناسبة.