إطلاق المسح لبلوك 8: العين على “قانا الغربي” وتوتال

أعطى بدء أعمال الحفر في البلوك 9 زخماً إيجابياً لتوسيع دائرة العمل في ملف التنقيب، وأفضى ذلك إلى التوجّه نحو البلوك 8 الذي يضم “حقل قانا الغربي” والذي يقع غرب البلوك 9. إذ أعطت وزارة الطاقة اليوم الخميس، ترخيص القيام بالمسوحات الزلزالية الثلاثية الأبعاد، لتحالف شركتيّ “برايت سكايز جيوساينس” Brightskies Geoscience ومقرّها في القاهرة، و”جيوكس أم.سي.جي” geoex mcg وهي شركة بريطانية.

وبموجب الترخيص، سيقوم التحالف بإجراء المسوحات وإعداد المعلومات التي ستتوفَّر لديه، لتكون مرجعاً لشركات التنقيب التي ترغب بالتقدُّم للاستثمار في البلوك 8. وسيستفيد لبنان من هذه العملية، ليس فقط على مستوى تشجيع الشركات على الاستثمار، وإنما على صعيد المبالغ المالية التي سيجنيها من عائدات بيع المعلومات، فضلاً عن المبلغ الثابت الذي تدفعه كل جهة ترغب بالاستثمار في المسوحات.

الترسيم شجّعَ الاستثمار

قبل إجراء عملية ترسيم الحدود البحرية بين لبنان والعدو الاسرائيلي، لم يكن ممكناً البدء بأي استثمارات في الحقول الجنوبية، أي البلوكات 8 و9 و10. ومع حسم الحدود عند الخط 23، بدأ لبنان بالاستثمار في البلوك رقم 9 لأن المعلومات المتوفرة تشير إلى وجود كميات كبيرة من الغاز في حقل قانا الواقع داخل هذا البلوك. والأهم، أن لبنان يريد استغلال هذا الحقل لأن حدوده تمتد إلى المياه التي تسيطر عليها إسرائيل، وبالتالي من الأفضل استعجال التنقيب لقطع الطريق أمام احتمال سحب إسرائيل مخزون ذلك الحقل.

انتهاء الترسيم وبدء العمل في البلوك 9، دفع لبنان إلى الانتقال نحو البلوك 8. فأطلقَ وزير الطاقة وليد فيّاض، عملية المسح الزلزالي وتسليم الترخيص للتحالف.

هذه الخطوة برأي فيّاض “تزيد التنافس بين الشركات لمساعدة لبنان على الحصول على أفضل الشروط التجارية في ما يتعلّق باقتسام الأرباح والموارد من خلال الشراكة مع القطاع الخاص”. ويتطلَّع فيَّاض إلى نجاح التحالف لأن النتائج التي سيخلص إليها تعطي لبنان امكانية “التفاوض مع الشركات الأخرى على أسس أقوى، للحصول على المزيد من المداخيل”.

الهدوء الذي أرساه الترسيم في الجنوب، سيكون طويلاً، ما سيعطي الفرص للشركات العالمية لدراسة مصالحها في الاستثمار في لبنان. وهذا ما أكّده رئيس شركة برايت سكايز جيوساينس، نزار أبو اسماعيل، الذي أشار في حديث لـ”المدن”، إلى أن ترسيم الحدود وانطلاق أعمال الاستكشاف مع شركة توتال “شجّع شركتيّ برايت سكايز وجيوكس على الاستثمار في البلوك 8″. وأوضح أن الشركات الكبرى لا تخاطر بالعمل، بل تأتي إلى البلد وتكون متأكدة بنسبة كبيرة من أن الاستثمارات التي ستدفعها، ستعود بالفائدة لها. ونحن نعلم أن هناك مخزوناً في المياه القبرصية والمصرية والفلسطينية، وبالتالي حكماً هناك مخزون في المياه اللبنانية”. ولذلك، عندما استقرّت الأحوال جنوباً، سارعت الشركتان إلى الاستثمار في لبنان.

العائدات المالية ستتزايد

تبدأ استفادة لبنان المالية في تلزيم عملية المسح من مبلغ 20 ألف دولار تدفعه الجهة التي تريد الاستثمار في هذا المجال “وتدرس الوزارة ملف الشركة وتقرّر ما إذا كانت ستعطيها الترخيص أم لا”. يضاف إلى ذلك، عائدات بيع المعلومات بعد إنجاز المسح وهي عائدات تتزايد مع الوقت وترتفع كلّما برزت عوامل مشجّعة على التنقيب في البلوك 8. وبرأي أبو اسماعيل، فإن عملية التنقيب التي تقوم بها شركة توتال في بلوك 9 سيكون لها أثراً على المبالغ المالية التي يمكن للبنان الاستفادة منها “فإذا أعلنت توتال عن وجود كميات من الغاز في البلوك 9، فإن شركات التنقيب ستهتم بالاستثمار في البلوك 8 وستحتاج لمعلومات المسح الزلزالي، أي سترتفع قيمة المعلومات التي ستجمعها شركتيّ برايت سكايز وجيوكس. وعندما تزداد نسبة مبيعاتها ستزداد عائدات الدولة اللبنانية من بيع المعلومات”. علماً أن حصّة الدولة اللبنانية تستند إلى “أعلى معدّل يصل إليه بيع المعلومات، والذي يمكن أن يمتد إلى نحو 10 سنوات، فترتفع العائدات مع الوقت”.

ويعتبر أبو اسماعيل أن العمل في البلوك 8 سيكون واعداً، ويدعم اعتقاده بأن الشركتين تستثمران في عملية المسح “أكثر من 30 مليون دولار في المرحلة الأولى. ونعرف أن هناك نتائج يمكن تحقيقها لتعود علينا وعلى الدولة اللبنانية بالفائدة”.

ومن جهة أخرى، ستساعد الشركتان في “تأهيل كوادر خرّيجي جامعات لبنان، للمشاركة في مشروع المسح الزلزالي في البلوك 8″، وفق ما يقوله أبو اسماعيل. والتأهيل سيتم على أيدي “علماء من أوروبا وأميركا”.

العبرة في الخواتيم

تزداد الآمال حول ملف التنقيب. لكن في الواقع، كلّ ما يحصل هو “سمكٌ في البحر”. ومع أن الشركات المستثمرة لا تنفق أموالها هباءً، إلاّ أن موعد وكيفية الاستفادة من تلك الاستثمارات، هي اللغز الأهم. فشركة توتال مثلاً، حفرت بئراً استكشافياً في البلوك رقم 4 وطويَ الملف على خلاصة قصيرة تقول بأن لا كميات تجارية في ذلك البئر. لكن ماذا عن المعلومات التقنية التي بحوزتها عن المنطقة؟ وماذا عن احتمال حفر آبار أخرى؟ هل يعني الانتقال من ذلك البلوك إلى بلوك 9، خسارة توتال استثماراتها هناك؟

باخرة المسح الزلزالي ستأتي إلى البلوك 8 في غضون فترة زمنية تمتد إلى ما بين شهر ونصف إلى شهرين. ويمكن لأي شركة التقدّم للحصول على ترخيص بالمسح من وزارة الطاقة، وهذا يعني وجود ورشتين في البلوكين 8 و9، ينتظر اللبنانيون خواتيمهما التي ستصطدم بمراحل الاستخراج وكيفية نقل الغاز وبيعه، ثم بمصير العائدات المالية التي يُصنَع لها “صندوق سيادي” غامض من المتوقَّع أن يحتويها.

مصدرالمدن - خضر حسان
المادة السابقةالمضمون لا يحصل على حقه: مجلس الوزراء يغطي مخالفة كركي للقانون
المقالة القادمةهل تخلّى منصوري عن “ميزانيّة رياض سلامة”؟