منذ إنطلاق عمل الحكومة، لم تقم السلطة اللبنانية بأي خطوة جدية توحي بأن القيمين على البلد جديون بإستدراك الإنهيار الإقتصادي الذي يلوح في الأفق، بالرغم من وجود خطوات سريعة كفيلة بتحصين القطاعين المالي والإقتصادي، والسؤال الذي يتردد على ألسنة كل المواطنين هل نقترب من الإنهيار؟
تقول مصادر مطلعة أن الحلول متعددة، لكن لا إتفاق بين القوى السياسية على إتباع أحد هذه الحلول، إذ إن الرغبة لدى تيار “المستقبل” بشكل أساسي، إضافة إلى بعض القوى السياسية الأخرى تتمحور حول إمكانية القيام بإصلاحات تطال النظام الإقتصادي الحالي، أي بلغة أخرى الإلتزام بإصلاحات مؤتمر “سيدر 1”.
ووفق هؤلاء، فإن هذه الإصلاحات بذاتها كفيلة بإعطاء جرعة دعم للبنان الذي سيتمكن من زيادة المداخيل وتخفيف النفقات، يضاف إلى ذلك ما يتبع هذه الإصلاحات من قروض سيحصل عليها بالعملة الصعبة.
لكن هذه الحلول، لا يوافق عليه “حزب الله” الذي يريد إصلاحات جذرياً في بنية النظام المالي والإقتصادي، ويعتبر أن إصلاحات “سيدر” تطيل عمر نظام إقتصادي يخدم المصارف على حساب العامّة.
هذا الخلاف، يؤدي بشكل أو بآخر إلى عرقلة عمل الحكومة، ويعرقل حصول إصلاحات جدية، يضاف إلى كل ذلك الخلاف على خطة الكهرباء التي تعتبر إحدى خشبات الخلاص، إذ سيؤدي رفع التعرفة وزيادة التغذية وترشيق المؤسسة إلى تقليص العجز.
وترى المصادر أن حلّ “التراجع عن السلسلة” يعتبر من الحلول السريعة التي يمكن أن تؤدي إلى تأخير الإنهيار الإقتصادي، مما يمنح الحكومة وقتاً للوصول إلى حلول حقيقية ومستدامة، لكن هذا الحلّ أيضاً لا تَوافُق عليه.
وتعتقد المصادر أن لبنان اليوم في الهاوية وليس على حافتها، وكل ما في الأمر أنه يجب على الحكومة القيام بجهد كبير ليبقى لنا أمل في الخروج من هذه الهاوية.
وتسأل المصادر هل سيؤدي الإنهيار الإقتصادي أو الإفلاس، إلى سقوط النظام والبنية السياسية والإقتصادية اللبنانية بالكامل؟ ومن المستفيد من هذا الأمر؟
يضع الخبير الإقتصادي د. غازي وزني الدولة اللبنانية أمام خيارين، الخيار الأول هو الإنقاذ في العام 2019، حيث يعتبر أن تحسين الوضع الإقتصادي والمالي ممكن خلال هذا العام، أو الوصول إلى الإنهيار الكامل وإلى سلسلة أزمات إقتصادية ومالية مطلع عام 2020.
ويؤكد وزني أن تحذيرات جدية ورسمية تلقاها لبنان خلال الأشهر الماضية، تفيد بضرورة التعاطي بجدية مع تدهور الوضع الإقتصادي الحاصل، لعل أهمها جاء من عدد كبيرمن وكالات التصنيف الدولية، والموفد الفرنسي الذي زار بيروت بيار دوكان ممثلاً مؤتمر “سيدر”، إضافة إلى تصريحات البنك الدولي.
ويرى وزني أن أولى خطوات إستدراك الوضع، ستكون عبر إقرار خطة الكهرباء الجيدة في المجمل بالرغم من الملاحظات، إذ من المفيد تخفيف العجز المترتب على قطاع الكهرباء، كما ان رفع التعرفة من 138 إلى 217 ليرة على الميغاوات الواحد، سيزيد إيرادات الدولة 800 مليار ليرة، أضفّ إلى كل ذلك تخفيف الأعباء عن المواطنين الذي يدفعون فاتورتين شهرياً.
ويلفت وزني إلى ضرورة أن تتضمن موازنة 2019، الكثير من الإصلاحات، ورؤية إقتصادية وإجتماعية، وعدم الإكتفاء بموازنة أرقام، كما يجب السعي إلى ضبط الإنفاق الممكن عبر أبواب كثيرة كمخصصات الجمعيات، إيجارات العقارات للدولة اللبنانية، نفقات السفر وما إلى ذلك..
ويعتبر وزني أن على القطاع المصرفي المساهمة على غرار ما حصل عام 2002، بتخفيض خدمة الدين العام، عن طريق شراء سندات خزينة بقيمة 6 مليار دولار بفائدة صفر، الأمر الذي يؤدي إلى وفر لا بأس به بالخزينة.
ويعلق وزني على مسألة التراجع عن سلسلة الرتب والرواتب، مستبعداً حصول هذا الأمر نظراً للخلاف السياسي حوله، لكنه يعتقد أن الحكومة اللبنانية بإستطاعتها في المقابل القيام بتجميد كلّي للتوظيف في العام الحالي، كما يجب عليها مراجعة النظام التقاعدي وتوحيده.
ولا يفصل وزني بين الإنهيار الإقتصادي، أو إنهيار سعر صرف الليرة اللبنانية، وبين سقوط النظام السياسي، معتبراً أن أزمة من هذا النوع تسقط الإستقرار وتؤدي إلى فوضى شاملة…