كتبت النهار في افتتاحيتها تقول: لم تقف تداعيات الحكم الذي أصدرته المحكمة العسكرية أول من أمس في قضية المقدم في قوى الامن الداخلي سوزان الحاج عند حدود الزمان والمكان الظرفيين، بل تمددت أمس في اتجاهات قضائية وسياسية متشابكة الامر الذي اضفى على هذه التداعيات مزيدا من ظلال التعقيدات التي قد تترك آثاراً سلبية على العلاقات بين القوى البارزة داخل السلطة وتحديداً “التيار الوطني الحر” و”تيار المستقبل” اللذين رسمت الساعات الاخيرة دوائر التوترات حول تحالفهما.
ولعل الاخطر في تصاعد الاصداء السلبية غداة صدور حكم المحكمة العسكرية بكف التعقبات عن الحاج وحبس المقرصن ايلي غبش سنة في ملف تزوير اتهام جنائي بحق المخرج المسرحي زياد عيتاني، بدا من خلال تصاعد “مواجهة الظلال” بين مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي بيتر جرمانوس وقوى الامن الداخلي اذ عزيت السابقة التي قام بها جرمانوس بمطالعته المفاجئة أمام المحكمة العسكرية طالباً تبرئة الحاج خلافاً للادعاء بانه موقف موجه ضد شعبة المعلومات سينعكس سلباً على تحقيقات اخرى تولتها في ملفات فساد. كما ان معلومات أخرى تحدثت عن طلب أحد القضاة في المحكمة العسكرية نقله الى منصب آخر احتجاجاً على مجريات الحكم الذي صدر في ملف المقدم الحاج. كذلك أفادت معلومات ان مفوض الحكومة لدى محكمة التمييز العسكرية القاضي غسان الخوري طلب إيداعه ملف المقدم سوزان الحاج من المحكمة العسكرية الدائمة، فوصله الجواب خطياً بأن الملف لدى مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي بيتر جرمانوس، الذي يبدو أنه ممتنع عن إرساله الى محكمة التمييز العسكرية، علما بأن نقض محكمة التمييز العسكرية الحكم يعيد المحاكمة مجدداً، بحيث يعتبر الحكم كأنه لم يكن.
وأثار الحكم مزيدا من الاصداء السلبية السياسية التي اكتسبت دلالات مهمة. وأعرب مجلس قيادة الحزب التقدمي الاشتراكي بعد اجتماعه برئاسة رئيس الحزب وليد جنبلاط عن قلقه “إزاء المشهد القضائي الذي تسوده الفوضى وصراعات النفوذ والمصالح المتضاربة”، داعياً الى “انتخاب مجلس القضاء الأعلى من القضاة العدليين أنفسهم خارج القيد الطائفي وضمن معيار الكفاءة والدرجة”، و”إعطائه الإشراف المباشر والمطلق على معهد القضاء وإطلاق يده في تعيين القضاة ومناقلاتهم وتأديبهم”.
واعتبر “أن الصرخة التي أطلقتها مجموعة من القضاة، هي صرخة محقة”، حاضّاً السلطتين التنفيذية والتشريعية على “التجاوب معها ضمن جدول زمني محدد”.