انعكست “عصفورية الفوضى” السائدة سياسياً واقتصادياً وقضائياً في البلد تسارعاً تصاعدياً في سعر صرف الدولار فأضحت عجلاته “بلا مكابح” وطار عالياً حتى بلغ مساء أمس حدود 55500 ليرة في السوق السوداء. وعلى الأثر عادت الاحتجاجات الى الشارع في بيروت والمناطق منذرةً بأنّ اللغم الاجتماعي بات على وشك الانفجار، وذلك في موازاة ارتفاع وتيرة التهديد بتسعير نار الإضرابات، لا سيما على صعيد الإدارة العامة والتعليم الرسمي وقطاعات أخرى مثل قطاع النقل البري المتأثر بارتفاع سعر صفيحة البنزين إلى نحو مليون ليرة.
فبعد هدوء نسبي في الأشهر الماضية، بفعل زيادات الرواتب، عادت صرخات الموظفين في القطاعين العام والخاص لترتفع من جديد بعدما فقدت تلك الزيادات التي أقرت في موازنة 2022 أكثر من 50% من قيمتها مقابل الدولار في أقل من 4 أشهر. ويضاف إلى تلك الخسارة في قيمة الزيادة خسارة إضافية في القدرة الشرائية بالنظر إلى عاملين: الأول، ارتفاع اسعار السلع المستوردة من الخارج بفعل التضخم العالمي، وارتفاع أسعار المواد الأولية المستوردة للصناعة المحلية ما يرفع تالياً كلفة الانتاج المحلي وأسعاره. أما العامل الثاني فهو متعلق بالطريقة التي يمارسها التجار بزيادة الأسعار أعلى من ارتفاع الدولار، ويبررون ذلك بالتحوّط المسبق، لأن سعر صرف الليرة يتدهور باستمرار، وبات صعود الدولار على مدار الساعة، ما أفقد الليرة منذ بداية العام حتى الأمس نحو 30% من قيمتها.