لساعات محدودة سجّل طلب على الدولار. مصدر الطلب أن هناك كميات من الليرة تجمّعت في خزنات المؤسسات التجارية على مدى خمسة أيام عطلة، وبالتزامن مع انتشار حالة اللايقين والخوف من تدحرج الحرب، أصبحت هذه الكتلة تشكّل ضغطاً على سعر الصرف. تقول مصادر مطلعة، إنه تمت تلبية هذا الطلب من خلال الآليات التي تكرّست في السوق خلال السنتين الماضيتين، أي من خلال الشبكات التي يتعامل معها مصرف لبنان لشراء الدولار أو لبيعه في السوق.وتركّز الطلب بشكل أساسي في شمال لبنان، حيث يقيم العدد الأكبر من العاملين في القطاع العام. يتقاضى هؤلاء رواتبهم بالدولار، إنّما يسارعون إلى تحويلها بالليرة عبر الصرافين المنتشرين في الأحياء بسعر يفوق بما بين 500 ليرة و600 ليرة لكل دولار مقارنة مع سعر السوبرماركت. لهذا السبب يدفع هؤلاء ثمن مشترياتهم بالليرة، والتجّار في تلك المنطقة يجمعون الكثير من الليرات ولا سيما في أيام عطلة متتالية. لكن مع الشكوك باحتمال اتساع رقعة الردّ والرد المتبادل بين إيران والكيان الصهيوني، لم يعد بالإمكان الاحتفاظ بالليرة.
بذلك، انتهى هدوء في سوق القطع استمرّ لنحو 8 أشهر. لكن هذا الهدوء لم ينعكس على سعر الصرف، إذ إنه بحسب مصادر مطلعة، فإن الجهات التي يتعامل معها مصرف لبنان لجمع الدولارات اشترت كل الليرات المعروضة في السوق وضخّت الدولارات التي جمعتها في الأيام الأخيرة ولم تسلّمها إلى مصرف لبنان بعد.
لا يعتقد صاحب أحد محال الصيرفة في طرابلس، محمد الأبيض، أن المشكلة تكمن في كتلة رواتب موظفي القطاع العام في الشمال لأنها «لا تزيد على 3 ملايين دولار شهرياً»، لكنه يشير إلى تسجيل طلب من أحد المصارف، قبل أسبوعين، بمبلغ 3 ملايين دولار. ويتّهم الأبيض الصرافين غير المرخصين بنشر شائعات في السوق تثير بلبلة وتبثّ الرعب بين الناس. ويقول إن الضبابية ما زالت تسيطر على الأجواء، إذ لن يتّضح حجم الطلب الفعلي على الدولار «قبل عودة المحال التجارية والأسواق إلى العمل بعد العطلة، أي يوم الاثنين».
تسجيل الطلب على الدولار لم ينحصر في الشمال، إنما كان أكبر هناك. ففي عدد من المناطق، مثل النبطية وصيدا والضاحية الجنوبية، أفاد عدد من الصرّافين بحصول تهافت على شراء الدولارات «بمبالغ تراوحت بين 500 دولار و4 آلاف دولار في كلّ عملية» يقول الصراف محمود عيسى. وهذا النوع من العمليات لم يقتصر فقط على الأفراد، بل قامت بها المؤسسات التجارية التي لم تقفل أبوابها في كلّ لبنان خلال الإجازة مثل الأفران والمطاعم، و«هي الأقدر على التأثير في سعر الصرف»، بحسب عيسى. فبعد تراكم كتلة من الليرات لديها بسبب إقبال الناس على ارتيادها خلال أيام العيد، قامت بطلب شراء الدولارات وتبديل مخزونها على وجه السرعة مع تدهور الأوضاع في المنطقة، إذ «قام أحد المطاعم الشهيرة بشراء 100 ألف دولار دفعة واحدة منتصف ليل يوم السبت»، ختم عيسى.