استراتيجيات مصرفية داخلية تُحاكي الحرب الإسرائيلية..

محاكاةً للاعتداءات الإسرائيلية الخطيرة والممهِّدة لحرب شاملة إذا صحّت التوقعات، تجِد المصارف اللبنانية نفسها أمام سيناريو شبيه بحرب تموز 2006، ولكن… إن وضع القطاع المصرفي اليوم يختلف تماماً عما كان عليه في العام 2006، فالقيود على السحوبات أصبحت مفروضة بحكم الأمر الواقع بفعل الأزمة النقدية والمالية في البلاد. لكن العامل المشترك الوحيد هو كيفية المحافظة على القدرة التشغيلية وتأمين استمرارية العمليات المصرفية الضرورية للعملاء لجهة السحوبات والتحويلات وغيرهما.

جمعية المصارف لم تُصدر، أقله حتى اللحظة، أي قرار تُلزِم فيه المصارف باستراتيجية معيّنة تُحاكي الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان، بل تعمد إدارة كل مصرف بمفردها إلى اتخاذ الاستراتيجية المناسِبة للتعامل مع التطورات الأمنية الراهنة.

هذا ما تؤكد عليه مصادر مصرفية لـ”المركزية”، ومن بين هذه الاستراتيجيات، على سبيل المثال لا الحصر، “لجوء إدارات بعض المصارف المتواجدة في المناطق المصنَّفة خطيرة أمنياً، إلى الطلب من موظفي وحدات معيّنة تخوّلهم ممارسة العمل عن بُعد، استكمال نشاطهم المصرفي من منازلهم عبر شبكة الإنترنت تحوّطاً لأي تصعيد أمني. أما الموظفون الذين تتطلب مهامهم العمل من داخل المصرف، فسيستمرون في مزاولة نشاطهم من مقرّ المصرف.

وحول الحديث عن تهافت المواطنين في بعض المناطق على ماكينات السحب الآلي ATMs لسحب الأموال تحسّباً لما هو أسوأ، توضح المصادر أن “هذه المشهديّة في حال صَحّت، ليست مستغرَبة بل مبرَّرة لمواجهة التحديات الأمنية القائمة والمقبلة، تماماً كما هو الحال بالنسبة إلى الإقبال على شراء المحروقات والخبز والمواد الغذائية…إلخ”.

لكن المصادر تطمئن إلى أنه “مع وجود البطاقات الائتمانية المصرفية بالأموال النقدية Fresh التي يمكن استخدامها لشراء الحاجيات من السوبرماركت وغيرها، لم يعد المواطن بحاجة إلى حَمل المال النقدي Cash، كما لم يَعُد ملزَماً بالتوجّه إلى الـATMs، إذ حتى لو فرغت من المال لن تسبّب له أي مشكلة مع وجود تلك البطاقات… قد تبقى ماكينات السحب الآلي حاجة ملحّة للبعض، لكن من الجدير الإقرار بأن الأخيرة تخفّف من الضغط على الاصطفاف أمام الـATMs لسحب الأموال.

ولم تغفل المصادر الإشارة إلى أن “لا سقوفَ محدّدة على الأموال النقدية الـFresh إن كان بالليرة اللبنانية أو بالدولار النقدي”.

إذاً، لا قرارَ جامعاً على صعيد جمعية المصارف حول كيفية تعامل القطاع المصرفي مع التطوّرات الأمنية الخطيرة، بل هناك استراتيجيات داخلية تختلف بين مصرف وآخر تواكب الأوضاع لتأمين استمرارية الخدمات المصرفية للمواطنين في ظل هذه الظروف الخطيرة التي تمرّ بها البلاد.

مصدرالمركزية - ميريام بلعة
المادة السابقة«التمويل الدولي»: الدين العالمي يصل إلى مستوى قياسي عند 312 تريليون دولار
المقالة القادمةالاقتصاد الاجتماعي للحرب… هل ينجو من الاحتكار والتربّح؟