افتُتحت صباح امس أعمال المؤتمر المصرفي العربي السنوي لعام 2025 بعنوان “الاستثمار في الإعمار ودور المصارف” (Investing in Construction and the Role of Banks)، برعاية وفي حضور رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون ممثلاً بوزير المال ياسين جابر، وبمشاركة ممثلين عن المصارف والهيئات الاقتصادية والاتحاد الدولي للمصرفيين وجامعة الدول العربية، وذلك في فندق “فينيسيا إنتركونتيننتال” – بيروت.
بدايةً، ألقى الوزير جابر كلمة جاء فيها : “يسعدني أن نلتقي اليوم مجددًا في بيروت، بعد أربع سنوات من التحديات غير المسبوقة التي عاشها عالمنا العربي ولبنان. فأهلاً بكم جميعًا، وأخص بالترحيب ضيوفنا العرب، متمنيًا لمؤتمركم النجاح ولزيارتكم لبيروت كل المتعة والتوفيق.
منذ عام 2019، ولبنان يواجه ازمات شاملة من تراجع الناتج المحلي الى تدهور سعر الصرف و نسب تضخّم تجاوزت 200% والى تخلف سيادي عن السداد وأزمةً غير مسبوقة هزّت ركائز القطاع المصرفي، فشكّلت محطة مفصلية في مسارنا الاقتصادي، وتزامن كل ذلك مع أزمات سياسية، واعتداءات اسرائيلية وحرب أقليمية خلّفت خسائر وتهجيرًا واسعًا ودمارًا هائلاً، حيث قدّرت الخسائر في الممتلكات بما لا يقلّ عن سبع مليار دولار أميركي.
لكن رغم عمق الأزمة، لم ينهَر لبنان. بقي بلدًا يعمل، يقاوم، ويبحث عن فرصة جديدة للنهوض. واليوم، نبدأ مرحلة مختلفة، عنوانها استعادة الثقة وبناء اقتصاد منتج ومستدام.
وقد وضعت الحكومة رؤية واضحة للتعافي تقوم على مرتكزين أساسيين: الأمن والاستقرار، وتعتمد على ثلاثة محاور رئيسية:
المحور الأول: إعادة هيكلة القطاع المصرفي واستعادة الثقة:
تعمل الحكومة على إقرار الإطار القانوني لمعالجة أوضاع القطاع المصرفي، بما يرسّخ أفضل الممارسات الدولية ويؤمّن انطلاقة متينة لقطاعٍ تنافسي قادر على استقطاب أفضل الخدمات المصرفية. في هذا السياق، كما تعلمون أُعيد النظر بقانون السرية المصرفية لتعزيز صلاحيات الهيئات الرقابية، وأُقرّ قانون الإصلاح المصرفي، وتعمل الحكومة على استكمال التعديلات المطلوبة بالتنسيق مع المجلس الدستوري وصندوق النقد الدولي.
كما تعمل الحكومة على صياغة حلٍ متوازن وعادل للودائع العالقة منذ عام 2019، بما يحمي حقوق المودعين ويُعيد الثقة و الانتظام المالي، ويُهيّئ لعودة القطاع المصرفي إلى دوره الأساسي في تمويل الاقتصاد.
المحور الثاني يرتكز على إصلاح مالي ونقدي بالتشارك مع صندوق النقد الدولي:
نلتزم ببرنامج إصلاحي يدعم الاستقرار المالي والنقدي، ويعزز مصداقية الدولة، ويُسهّل تعبئة التمويل الدولي الضروري للانتقال من مرحلة الصدمة إلى مرحلة الإعمار والازدهار.
وتركّز الحكومة على المسارات الاتية:
1. ترسيخ الإدارة المالية الحكيمة عبر تحقيق فائض أولي في الموازنات، إذ تقوم الاستدامة المالية على تحسين كفاءة استخدام الموارد، وحسن توجيهها نحو الأولويات الوطنية، من خلال موازنات أكثر استراتيجية وفعالية.
2. إعادة هيكلة الدين العام، وتسديد الالتزامات القائمة.
3. تحسين الامتثال الضريبي والحد من التهرب، من خلال سياساتٍ ضريبية عادلة وهادفة.
4. ضبط الاقتصاد غير النظامي، و محاربة الاقتصاد النقدي، ويعكس التزامه بأفضل المعايير الدولية.
5. تعزيز التحول الرقمي في الإدارة المالية عبر نظم e-Taxation و e-Gov.
أما المحور الثالث، فعنوانه: إصلاح القطاع العام وتفعيل دور الدولة لتصبح محفِّزًا لاستثمارات القطاع الخاص.
في هذا السياق، نسعى إلى ترسيخ عقدٍ اجتماعيٍ جديد يُعيد التوازن بين الدولة والمواطن، ويضع العدالة ودولة القانون في صميم التحوّل المنشود. عقدٌ يقوم على شرْكةٍ حقيقيةٍ بين الدولة والمواطن والقطاع الخاص، مبنيّة على الثقة، والمساءلة، والشفافية.
فلا يمكن لقطاع خاص أن يزدهر دون قطاع عام سليم.
لذلك، تتخذ الحكومة خطوات لتفعيل الحوكمة، وتطوير أنظمة حديثة، ومؤسسات موثوق بها، وأطر قانونية سليمة، وتعزيز استقلالية القضاء وتفعيل الهيئات الرقابية وتعيين الهيئات الناظمة (للكهرباء والاتصالات والطيران المدني)، للمساعدة في إعادة هيكلة هذه القطاعات وتشكيل مجالس إدارة جديدة (المرافئ والمطار و مجلس الانماء و الاعمار) لتحسين وتفعيل ادارة هذه المرافق. كما تعمل الحكومة على وضع الخطط لإعادة اعمار ما تهدم وذلك بالتعاون مع البنك الدولي واصدقائنا في العالم على امل جذب الدعم المالي المطلوب لتنفيذ هذه الخطط لأنه من الصعب على لبنان القيام بذلك منفرداً ولا يسمح الوضع المالي والاقتصادي بذلك.
هذه الخطوات تُعيد للدولة دورها كمنظّم ومسهل للاستثمار، لا منافس له
سليم صفير
كذلك ألقى رئيس جمعية مصارف لبنان الدكتور سليم صفير في حفل الافتتاح، جاء فيها ” لا يخفى على أحدٍ منكم ما مرَّ به القطاعُ المصرفيُّ اللبنانيُّ منذُ أحداثِ تشرينَ الأوَّلِ عامَ ٢٠١٩ وما تلاها من انهيارٍ اقتصاديٍّ غيرِ مسبوقٍ. لقد واجهْنا عاصفةً عاتيةً تسبَّبت بها عقودٌ من السياساتِ الماليَّةِ الخاطئةِ، والإنفاقِ العامِّ غيرِ المنضبطِ، والمصارفُ اللبنانيَّةُ، التي كانت يومًا فخرَ المنطقةِ ورائدةَ الابتكارِ الماليِّ العربيِّ، وجدت نفسَها في قلبِ أزمةٍ متعدِّدةِ الأبعاد: أزمةِ ثقةٍ، وأزمةِ سيولةٍ، وأزمةِ نظامية ٍ لا تتحملْ المصارف مسؤوليَتَها .
لكنَّنا صمَدْنا، وحافظْنا على بنيتِنا المؤسَّساتيَّة، واستمررْنا في خدمةِ عُملائِنا رغمَ كلِّ الصعوبات.
لقد تعرَّض القطاعُ المصرفيُّ اللبنانيُّ لحملاتٍ ظالمةٍ ومُمنهَجةٍ، حُمِّل خلالها زورًا مسؤوليَّةُ الفجوةِ الماليَّةِ الهائلةِ في البلاد.
لنكنْ واضحين: المصارفُ لم تُنفِقِ الأموالَ على رواتبَ ضخمةٍ لموظَّفي القطاعِ العامِّ، ولم تُهدِرِ الملياراتِ على مشاريعَ وهميَّةٍ، ولم تتورَّطْ في صفقاتِ فسادٍ.
المصارفُ كانت تقومُ بدورِها في تمويلِ الدولةِ بناءً على نظامٍ كاملٍ كان قائمًا، نظامٍ شاركتْ فيه كلُّ مؤسَّساتِ الدولة.
من هنا فإنَّ محاولةَ تحميلِ المصارفِ وحدَها مسؤوليَّةَ انهيارِ نظامٍ ماليٍّ بأكمله، هي ظلمٌ صارخٌ وتشويهٌ مُتَعمَّدٌ للحقائق.
نحن نرفضُ أن نكونَ كبشَ فداءٍ لعقودٍ من السياساتِ الخاطئةِ والفسادِ الماليِّ والإداريِّ.
إلّا أنَّنا، ورغمَ كلِّ ما مرَرْنا به، فنحن ننظرُ إلى المستقبل بأملٍ وثقةٍ بعهدِ فخامةِ رئيسِ الجمهوريَّةِ العمادِ جوزاف عون، وحكومةِ دولةِ الرئيسِ نواف سلام، وفي ولايةِ حاكمٍ جديدٍ لمصرفِ لبنان الدكتور كريم سعيد ونُوَّابِ الحاكم، ونرى أنَّ كلَّ ذلك يُشكِّلُ فرصةً تاريخيَّةً لبدايةٍ جديدةٍ.
نحن نثقُ بالعهدِ الجديدِ وبالتزامِه بالإصلاحِ الحقيقيِّ، ونثقُ بأنَّ الإرادةَ السياسيَّةَ موجودةٌ اليومَ لاتخاذِ القراراتِ الصعبةِ ولكنِ الضروريَّةِ.
نحن كقطاعٍ مصرفيٍّ مستعدُّون للتعاونِ الكاملِ مع السُلُطاتِ الجديدة، للعملِ معًا على بناءِ نظامٍ ماليٍّ سليمٍ وشفَّافٍ يخدمُ المصلحةَ الوطنيَّةَ.
نحن ملتزمونَ بالعملِ على:
أوّلًا، إعادةِ بناءِ رساميلِ المصارفِ وفقَ المعاييرِ الدوليَّةِ، بما يضمنُ متانةً ماليَّةً حقيقيَّةً وقدرةً على مواجهةِ التحدِّياتِ المستقبليَّة.
ثانيًا، استعادةِ الثقةِ مع المودعين والمستثمرين من خلالِ الشفافيَّةِ الكاملةِ والالتزامِ بأعلى معاييرِ الحوكمةِ.
ثالثًا، تطويرِ منتجاتِنا وخدماتِنا لتلبيةِ احتياجاتِ اقتصادِ القرنِ الواحدِ والعشرين، مع التركيزِ على الابتكارِ والتحوُّلِ الرقميِّ.
وفي سياق الحديث عن التحدّيات التي يواجهها القطاع المصرفي، أودّ أن أتوجّه إلى معالي وزير المال، الحاضر بيننا اليوم ممثّلًا لفخامة رئيس الجمهورية، بالتأكيد على أنّ معاليه لطالما كان قريباً من شؤون المصارف واطّلاعاً على شجونها.
رغم ذلك، إنّ جمعية المصارف تشعر حالياً بأنّ دورها في مناقشات مشاريع القوانين التي تعنيها يبقى استشارياً في الشكل أكثر منه شرْكة فعلية في المضمون، وهو ما يحدّ من قدرتها على المساهمة البنّاءة في إيجاد الحلول.
وانطلاقاً من ذلك، نَأمَلْ— ونحن واثقون من حرص معاليكم— أن يُعاد النظر في آلية التعاطي مع هذا القطاع بما يسمح بتعاون أعمق وأكثر فاعلية، خدمةً للمصلحة الوطنية التي نلتقي جميعاً حولها، وبما ينعكس إيجاباً على جهود إنقاذ وإعادة تنشيط القطاع المصرفي.
أيُّها الحضورُ الكريم، رؤيتُنا إلى المستقبلِ تقومُ على أنَّ دورَ المصارفِ في المرحلةِ المقبلةِ يتجاوزُ كونَها مجرَّدَ وسيطٍ ماليٍّ.
نحن شريكٌ استراتيجيٌّ في إعادةِ بناءِ الاقتصادِ الوطنيِّ.
لن يكونَ هناك إعمارٌ حقيقيٌّ من دونِ تمويلٍ مصرفيٍّ سليمٍ، ولن يكونَ هناك نموٌّ اقتصاديٌّ مستدامٌ من دونِ قطاعٍ مصرفيٍّ قويٍّ وفاعلٍ.
لبنانُ بحاجةٍ إلى شرْكةٍ حقيقيَّةٍ بين القطاعِ المصرفيِّ والقطاعاتِ الاقتصاديَّةِ الأخرى، شركةٍ تقومُ على الثقةِ المتبادلةِ والمصلحةِ الوطنيَّةِ العُليا.
ونحن مستعدُّون لتحمُّلِ مسؤوليَّتِنا كاملةً في هذا المسارِ.
دعوني أختُمْ بحقيقةٍ بسيطةٍ لكنَّها جوهريَّةٌ:
لا يمكنُ لأيِّ اقتصادٍ أن ينهضَ ويزدهرَ من دونِ قطاعٍ مصرفيٍّ قويٍّ وفاعلٍ.
هذه ليست مبالغةً، بل واقعٌ تُثبِتُه التجاربُ في كلِّ أنحاءِ العالمِ.
وبدونِ مصارفَ قويَّةٍ، لن يكونَ هناك تمويلٌ للمشاريعِ، لن يكونَ هناك دعمٌ للشركاتِ الصغيرةِ والمتوسِّطةِ، لن يكونَ هناك قروضٌ سكنيَّةٌ أو تمويلٌ للتعليمِ أو دعمٌ للابتكارِ.
لذلك، فإنَّ أيَّ محاولةٍ لإضعافِ القطاعِ المصرفيِّ أو تدميرِه، سواءٌ من هي في نهايةِ المطافِ محاولةٌ لتدميرِ الاقتصادِ الوطنيِّ بأسره.
إنَّنا نَتَطلَّعُ إلى تعاونٍ حقيقيٍّ، إلى شرْكةٍ وطنيَّةٍ بين كلِّ مكوِّناتِ المجتمعِ اللبنانيِّ، وأن ننتقلَ
شقير
كذلك كانت كلمة لرئيس الهيئات الاقتصادية الوزير السابق محمد شقير جاء فيها: “يسعدني أن أرحّب بكم جميعاً، وبضيوفنا الكرام في بيروت، هذه المدينة التي اشتاقت كثيراً لأشقائها العرب. إن حضوركم بيننا اليوم هو دليل خير، ومؤشر واضح على أن لبنان يسير بثبات نحو التعافي والعودة إلى الحضن العربي والدولي.
لقد مرّت على لبنان سنوات صعبة وقاسية، غير أنّنا اليوم نقف على أعتاب صفحة جديدة من تاريخنا، بعدما استعدنا انتظام المؤسسات الدستورية من خلال انتخاب العماد جوزاف عون رئيساً للجمهورية وتأليف حكومة برئاسة الدكتور نواف سلام، وأبرز معالم هذه المرحلة إعادة بناء الدولة وترميم الثقة بلبنان لدى أشقائه وأصدقائه حول العالم.
نعم، أن الفرص في القطاع الخاص كثيرة ومتنوّعة، وتمتد من الصناعة إلى السياحة والزراعة، مروراً بتكنولوجيا المعلومات والعقارات وسواها.
أما في القطاع العام، فقد بدأت الدولة تعتمد مقاربة جديدة في إدارة واستثمار مرافقها العامة تقوم على الشرْكة بين القطاعين العام والخاص، والـBOT، والخصخصة المدروسة، وقد بدأت لائحة طويلة من هذه المشاريع تُطرح تباعاً أمام القطاع الخاص.
الأتربي
القى رئيس مجلس الإدارة إتحاد المصارف العربية محمد محمود محمد محمود الأتربي، كلمة اشاد فيها بمدينة بيروت ” هذه المدينة العريقة التي بقيت رغم كل التحديات رمزا للصمود والإبداع والانفتاح”، مشيرا إلى ان المؤتمر “ينعقد في لحظة مفصلية تتطلب رؤية واضحة، وقرارات جريئة، وتعاونا عربيا واسعا لإعادة إطلاق مسارات التنمية في منطقتنا”.
وقال:”إن انعقاد مؤتمرنا اليوم في بيروت يحمل دلالات كبيرة. فلبنان، رغم الأزمات العميقة التي مرّ بها في السنوات الأخيرة، يمتلك رأسمالا بشريا متميزا، قطاعا خاصا نشطا، وموقعا استراتيجيا يسمح له بأن يستعيد دوره مركزا ماليا واقتصاديا في المنطقة.
طربيه
بدوره القى رئيس الاتحاد الدولي للمصرفيين العرب ورئيس اللجنة التنفيذية لاتحاد المصارف العربية الدكتور جوزف طربيه كلمة قال فيها “لقد ساعد في تفاقم الأزمة التعثر غير المنظم الذي أعلنته حكومة لبنان السابقة عام 2020 بالتوقف عن دفع الدين السيادي وإخراج لبنان من الاسواق المالية الدولية. وقد رافق ذلك قرارات شعبوية، كقرار دعم بعض السلع عبر هدر سيولة مصرف لبنان، التي مصدرها الودائع. وتقاذفت الحكومة ومصرف لبنان والمصارف مسؤولية الأزمة، بينما الواقع يشير الى أن الأزمة نظامية ليست نتيجة ظرف عابر أو مسؤولية فريق واحد، إذ إن النظام هو الذي اهتز وتهاوى نتيجة سياسات مالية متمادية مارستها السلطة السياسية من حكومة وبرلمان، يؤازرها البنك المركزي، وخضوع القطاع المصرفي له باعتباره السلطة الناظمة”.
وقال: “لقد أظهر اتحاد المصارف العربية اهتماماً بارزاً في إيجاد حلول للأزمة اللبنانية منذ اندلاعها، وناقش في اجتماع بيروت للأمناء العامين لجمعيات المصارف العربية والذي شاركت فيه 14 دولة عربية، في 9 آذار من عام 2023، مختلف الآراء التي طرحها الاتحاد بالتعاون مع خبراء دوليين، والتي تمحورت حول ما يأتي:
1 – إن الأزمة المالية اللبنانية ليس لها سوابق على الصعيد الدولي، إذ إن ما يسمى فجوة مالية هي في ميزانية البنك المركزي، وهي تمددت الى الدولة وكل مكونات النظام المالي.
2- إن البنك المركزي اللبناني، بموجوداته من ذهب وعملات أجنبية وأصول اخرى، هو من أغنى المصارف المركزية في المنطقة العربية، وإن الأزمة اللبنانية، في المقياس العلمي، هي أزمة سيولة، وليست أزمة ملاءة.
كما أشار طربيه إلى “إن لبنان حالياً يتعافى سياسياً واقتصادياً، وإن مصارف لبنان لا تزال تتمتع بعلاقات مراسلة مميزة مع المصارف العالمية، وهي لا تزال تخدم التحويلات من والى لبنان على أفضل ما يكون، ولم تتأثر بالتصنيفات الائتمانية المتدنية والإدراج على اللوائح الرمادية للبلد. إن المجتمع الدولي قلق ومتخوف من توسع دائرة الاقتصاد النقدي في لبنان. وكل الاتصالات والزيارات الدولية التي حصلت مع لبنان لم توجه أي شكوك الى القطاع المصرفي أو الى مصرف لبنان على هذا الصعيد، لا بل كان هناك إجماع على أن عمليات تبييض الأموال لا تتم من خلال القطاع المصرفي. مما يظهر أهمية الحفاظ على المصارف لتعافي الاقتصاد اللبناني وحماية السمعة الدولية للبنان.
وأعتبر طربيه انه “من المستبعد أن يعتمد لبنان أي حلول مسمومة بإلغاء رساميل المصارف عن طريق تحميلها خسائر ناتجة من ايداعاتها في البنك المركزي. إن إلغاء رساميل المصارف يؤدي فوراً الى إنهاء ملاءتها وقطع العلاقات المصرفية الخارجية معها، ويرمي لبنان في عزلة مالية قاتلة. كما يلحق خسائر فادحة بالمودعين الذين لن يحصلوا على حقوقهم إلا من خلال ضمان استمرارية القطاع المصرفي. إن الإصلاح المصرفي، من خلال تعزيز متانة القاعدة الرأسمالية، وتحسين إدارة المخاطر، وتعزيز الشمول المالي، واعتماد الرقمنة، يسهم في تمكين المصارف من تأدية دورها كـممّول للتنمية، لا مجرد وسيط مالي. أما الإصلاح النقدي، القائم على استقلالية البنوك المركزية، واعتماد أدوات فعّالة للسيطرة على التضخم وتقلبات أسعار الصرف، فيُعد شرطاً أساسياً لتهيئة بيئة مستقرة وجاذبة للاستثمار.
كما أشار الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية السفير حسام زكى، إلى “إن الجامعة العربية تعمل على إعداد اتفاقية الاستثمار العربية الجديدة التى تهدف إلى زيادة وتشجيع الاستثمار حتى تواكب بشكل أكثر فعالية المتغيرات الدولية الجديدة، وتسهيل حركة الاستثمارات ورؤوس الأموال بين الدول العربية والمساهمة فى تجاوز التحديات العالمية عبر الاستثمار والعمل المشترك”.
من جهته، أعرب رئيس المجلس العالمي للتسامح والسلام احمد بن محمد الجروان، عن الفخر “ان نجتمع اليوم في هذا المؤتمر المصرفي العربي السنوي، تحت عنوان «الاستثمار في الإعلام والتنمية المستدامة»، في وقت يحتاج فيه العالم العربي، أكثر من أي وقت مضى، إلى خطاب إعلامي واعٍ ومسؤول، قادر على دعم الاستقرار، وترسيخ ثقافة التنمية، وتعزيز جسور الثقة بين المجتمعات”.
اضاف:”لقد أثبت لبنان – هذا البلد العريق بتاريخِه، الراسخ بدورِه، والمتفرّد بتنوّعه وثرائه الثقافي — على مرّ العقود أنّه قادر على النهوض مهما اشتدّت التحدّيات. ولا يزال الشعب اللبناني العظيم يقدّم للعالم دروساً في الصمود والإبداع والقدرة على تحويل الأزمات إلى فرص”.
والقى الأمين العام لاتحاد المصارف العربية وسام فتوح كلمة للمشاركين “في هذه الاحتفالية التي أرادها اتحاد المصارف العربية، حدثاً بارزاً لتتويج مصرفي عربي أدى دوراً محورياً في مجال الصناعة المصرفية، وتميّز بمسيرة طموحة تلهم الإنجاز وترسخ معايير جديدة للقطاع المصرفي مكلّلة بالجهد والعطاء والإنجازات”.
ثم قدمت جائزة ” الشخصية المصرفية العربية لعام 2025″ للرئيس التنفيذي للمجموعة بنك ابو ظبي التجاري علاء عريقات .



