شهدت العقود الآجلة لمؤشر الأسهم الأميركية انخفاضاً ملحوظاً امس الخميس، وسط اهتمام المستثمرين بمشروع قانون التمويل الحكومي المؤقت، في الوقت الذي تتصاعد فيه المخاوف بشأن تباطؤ النمو الاقتصادي الناجم عن السياسات الفوضوية للرئيس دونالد ترمب المتعلقة بالرسوم الجمركية.
وجرى تسليط الضوء في الأسواق على مشروع قانون التمويل الذي يناقشه مجلس الشيوخ الأميركي، الذي يهدف إلى إبقاء الحكومة الأميركية تعمل حتى 30 سبتمبر (أيلول)، في خطوة تهدف إلى تجنب الإغلاق الجزئي المقرر في اليوم التالي. وكان مجلس النواب الذي يهيمن عليه الجمهوريون قد أقر المشروع في وقت سابق من الأسبوع، إلا أن الديمقراطيين في مجلس الشيوخ اقترحوا تمديد التمويل لمدة شهر آخر، مما يتيح مزيداً من الوقت لاستكمال مشاريع القوانين المتعلقة بالاعتمادات المالية لهذا العام، وفق «رويترز».
وفي مذكرة بحثية، أشار محللو شركة «آي إن جي» للأبحاث إلى أن البديل المقترح، الذي يقضي بتمويل مؤقت حتى 11 أبريل (نيسان)، لن يُسهم إلا في تأجيل الخطر الرئيسي على الأسواق، مما دفع العقود الآجلة للأسهم إلى التفاعل سلباً. وعانت «وول ستريت» من خسائر كبيرة في وقت سابق من الأسبوع بعد أن أطلق ترمب حرباً تجارية مع حلفائه الرئيسيين، وهو ما يعزز المخاوف من تأثيرات سلبية على التضخم المحلي والنمو الاقتصادي.
تأثير السياسات الجمركية على الأسواق
منذ بداية الحرب التجارية التي شنتها إدارة ترمب، أثار أسلوبه المتقلب في فرض الرسوم الجمركية قلق المستثمرين بشكل كبير، مما أدى إلى خفض شركات الوساطة لتوقعاتها بشأن الأسهم الأميركية، بل أصدر كثير من الشركات الكبرى توقعات متشائمة للأرباع القادمة. وكانت شركة «أميركان إيغل أوتفترز» أحدث الشركات التي خفضت توقعاتها بشأن الإيرادات السنوية، مما أدى إلى انخفاض حاد في أسهمها بنسبة 9.9 في المائة في تداولات ما قبل الافتتاح.
كما شهدت المؤشرات الرئيسية الثلاثة («داو جونز»، و«ستاندرد آند بورز 500»، و«ناسداك») تراجعاً كبيراً، حيث أظهر مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» انخفاضاً بنسبة 10 في المائة عن أعلى مستوى له، وهو ما يشير إلى تصحيح كبير في الأسواق.
ترمب وتهديدات جديدة بفرض رسوم جمركية
في أحدث تهديداته الاقتصادية، أعلن ترمب عزمه فرض رسوم إضافية على واردات الاتحاد الأوروبي إذا استمر الاتحاد في فرض رسوم جمركية انتقامية على السلع الأميركية في الشهر المقبل. وفي الساعة 05:44 صباحاً بتوقيت شرق الولايات المتحدة، سجلت مؤشرات الأسهم الرئيسية تراجعاً طفيفاً، حيث انخفض مؤشر «داو جونز» الصناعي بمقدار 19 نقطة، أي بنسبة 0.05 في المائة، وانخفض مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بمقدار 6.25 نقطة، أو 0.11 في المائة، بينما تراجع مؤشر «ناسداك 100» بمقدار 39.75 نقطة، أو 0.20 في المائة.
تضخم أسعار المستهلكين وتأثيراته على الأسواق
في الجلسة السابقة، أعطت مؤشرات تباطؤ تضخم أسعار المستهلكين بعض الراحة للمستثمرين، حيث تم تداول الأسعار دون زيادات كبيرة، مما ساعد على تهدئة المخاوف المتعلقة بارتفاع التضخم. ومع ذلك، لا يزال المستثمرون يراقبون البيانات الاقتصادية المقبلة، حيث من المقرر إصدار تقرير مؤشر أسعار المنتجين لشهر فبراير (شباط) في وقت لاحق من اليوم، إذ من المتوقع أن يُظهر الرقم الأساسي، الذي يشمل بعض المكونات المؤثرة في مؤشر الإنفاق الاستهلاكي المفضل لدى الاحتياطي الفيدرالي، زيادة بنسبة 3.5 في المائة مقارنةً بارتفاع بنسبة 3.6 في المائة في الشهر السابق.
كما سيجري الإعلان عن تقرير أسبوعي بشأن مطالبات البطالة، وسط توقعات أن يُبقي البنك المركزي الأميركي على أسعار الفائدة دون تغيير في اجتماعه المقبل.
أسهم الشركات الكبرى
وفيما يتعلق بحركة الأسهم الفردية، شهد سهم «إنتل» ارتفاعاً ملحوظاً بنسبة 9.9 في المائة بعد تعيين ليب بو تان، الخبير المخضرم في صناعة الرقائق، رئيساً تنفيذياً للشركة. في المقابل، شهد سهم «أدوبي» انخفاضاً بنسبة 4.6 في المائة بعد أن خفضت الشركة المصنعة لبرنامج «فوتوشوب» توقعاتها للإيرادات الفصلية، نتيجة لتباطؤ إيرادات الذكاء الاصطناعي والمنافسة الشديدة من الشركات الناشئة.
كما تراجعت أسهم «سينتينيل وان» بنسبة 13.6 في المائة بعد أن توقعت الشركة في مجال الأمن السيبراني أن تكون إيراداتها للربع الأول والسنة المالية أقل من تقديرات السوق. من جهة أخرى، تراجعت أسهم شركات تصنيع الشاحنات وقطع الغيار مثل «باكار» و«كومينز» بنسبة 5.3 في المائة و2.6 في المائة على التوالي بعد أن أطلقت وكالة حماية البيئة الأميركية جهوداً لإلغاء قواعد الانبعاثات التي كانت قد فرضتها الإدارة السابقة.