حصلت “المدن” على كتاب موقّع من المراقب الأوّل لدائرة المحاسبة بالإنابة في إدارة الجمارك اللبنانيّة، لينا لطيف، يفيد بأنّه ولغاية تاريخه “لم يتم تأمين سيّارات لنقل الأموال النقديّة والشيكات إلى مصرف لبنان”. ولهذا السبب، يشير الكتاب الموجّه إلى رئاسة مصلحة جمرك مرفأ بيروت بأنّه سيتعذّر على دائرة المحاسبة “استيفاء شيكات مصرفيّة أو أموال نقديّة إضافيّة، اعتبارًا من تاريخ 10/07/2024”. وهذا يعني من الناحية العمليّة توقّف إدارة الجمارك عن استيفاء الرسوم الجمركيّة في المرفأ، التي يتم تحصيلها عادةً إمّا بموجب شيكات أو أموال نقديّة.
ويأتي هذا التطوّر كجزء من مسار التحلّل والعجز الذي يصيب مختلف الإدارات الرسميّة، بفعل شحّ السيولة المخصّصة لتمويل نفقاتها الملحّة. إذ أعلن المدير العام لهيئة أوجيرو عماد كريديّة اليوم السبت أنّه ومع تراكم الأعطال تجد “أوجيرو نفسها عاجزة عن إصلاحها بسبب نفاد الأموال وعدم تسلم الهيئة الاموال المقرّة لها في موازنة ٢٠٢٤.” ولهذا السبب، أعلن كريديّة “إننا حتما ذاهبون إلى توقف تدريجي لاعمال الصيانة و التشغيل للشبكة الوطنية”، متسائلًا “هل من مجيب في الوزارات المعنية؟”.
وتجدر الإشارة إلى أنّ مصرف لبنان يعتمد منذ السنة الماضية على سياسة نقديّة تتشدّد في احتجاز الإيرادات العامّة لدى المصرف، لزيادة احتياطات العملات الأجنبيّة وامتصاص السيولة النقديّة بالليرة من السوق. وأدّى ذلك إلى زيادة رصيد حساب القطاع العام لدى مصرف لبنان بأكثر من نصف مليار دولار منذ شباط الماضي، ما يؤشّر إلى حجم الأموال العموميّة المكدّسة لدى المصرف. وفي حين سمحت هذه السياسة فعلًا بزيادة حجم الاحتياطات لدى المصرف المركزي، تتزايد المؤشّرات التي تدل على الشلل الذي يصيب القطاع العام، بفعل حرمانه من السيولة اللازمة لتمويل نشاطه التشغيلي.