لم تصمد مسحة التفاؤل إزاء اقتراحات الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان في زيارته الأخيرة لبيروت، وبقدرة طاولة التشاور على إحداث خرق في جدار الأزمة الرئاسية، في ضوء الأزمة المالية الأخطر الناشئة عن الإنسداد في عملية تأمين تمويل نفقات الدولة من خلال الإقتراض من مصرف لبنان المركزي، وذلك بعد التزام السلطة السياسية بما اشترطه النائب الأول لحاكم مصرف لبنان وسيم منصوري قبل تسلمه مهام الحاكمية.
وبما أن الشغور الرئاسي هو السبب الرئيسي لكل الأزمات المتناسلة منذ اشهر، فإن رئيس تحرير جريدة “اللواء” صلاح سلام، يعتبر أن المسؤولين عن استمرار هذا الشغور، هم مجرمون، كونهم يتركون الأزمة تتطور وتتفاقم والوطن ينهار، بدلاً من التفتيش عن حلول وسط والتنازل عن سقوفهم العالية من أجل إنقاذ البلاد.
وتحدث الكاتب سلام لـ”ليبانون ديبايت” عن هذه الأزمة المستجدة وهي تأمين صيغة قانونية للإقتراض من الإحتياطي الإلزامي، مشيراً إلى أن هذه الأزمة ستشكل الإمتحان الأول والمبكر لمنصوري، الذي سيجد نفسه أمام تحدي السير بما تطلبه الحكومة تحت الضغط السياسي كما كان يفعل الحاكم السابق رياض سلامة، أو الذهاب نحو اعتماد مقاربة مختلفة إلتزاماً بالشروط التي أعلنها.
وفي هذا السياق، يشير سلام إلى أن حكومة تصريف الأعمال لا تستطيع رفع اقتراح قانون يسمح لمصرف لبنان بإقراض الدولة من أموال المودعين، ورمت كرة النار عند المجلس النيابي حيث سيقدم عشرة نواب اقتراح مشروع يؤمن الإقتراض من المركزي.
وعن النواب الذين سيوافقون على المغامرة بأموال المودعين بعدما رفعوا كلهم شعار حمايتها، يكشف سلام أن الكتل التي تمثل الأحزاب التقليدية هي التي ستقدم الإقتراح وعلى سبيل المثال، كتلة رئيس المجلس نبيه بري. لكنه يستدرك معتبراً أن السؤال اليوم هو: ما المصير في حال عدم التوصل إلى صيغة للإقتراض وكيف سيتم تمويل نفقات الدولة والرواتب؟
وعن احتمال إقرار البرلمان لمثل هذا الإقتراح، يوضح سلام أنه في حال تمّ تقديم الإقتراح، يبقى تأمين 65 صوتاً نيابياً لإقراره، وهو ما قد يكون متعذراً إذا رفضت المعارضة المشاركة في جلسة التشريع.
وعن دور منصوري، يؤكد سلام أن أمامه منظومة سياسية معادية ومكابرة أوصلت البلد إلى الإنهيار وإلى جهنم، وما زالت تواصل النهج ذاته وتتفرج على الإنهيارات وهي مصرة على اعتماد السياسة نفسها، فقد أضاعت ثلاث سنوات من دون أي خطوة إصلاحية ، علماً أنه قد مضت سنة و7 أشهر على توقيع اتفاق بالأحرف الأولى مع صندوق النقد، ولم يتم اتخاذ أي إجراء لاستكمال تنفيذه.
وعن الجهة المسؤولة عن غياب وتأخير الإصلاحات والمعالجات لوقف الإنهيارات، يرى سلام أن الحكومة مسؤولة بالدرجة الأولى لأنها لم تنفذ أي خطوة إصلاحية و لم تطرح مبادرة كقانون الكابيتال كونترول، رغم أن نواب الحاكم الأربعة، ربطوا الإقتراض من المركزي بخطة إصلاحية وببرنامج زمني، فالحكومة هي التي تملك المبادرة والقرار.