على الرغم من الاتفاقيات والمعاهدات مع تركيا، بقيت حصة لبنان من التجارة والسياحة البينية شبه معدومة. ففي الوقت الذي بلغت فيه قيمة الصادرات التركية إلى لبنان في العام 2020 حوالى 811 مليون دولار، لم يصدّر لبنان إلى تركيا أكثر من 86 مليون دولار. وفي العام 2019 صدّر لبنان إلى تركيا ما قيمته 61 مليون دولار فقط، في حين استورد منها بحدود المليار دولار. وذلك بحسب تقرير “التجارة الخارجية الصادر عن غرفة التجارة والصناعة والزراعة للعام 2020”. أما على الصعيد السياحي فقد استفادت تركيا من رفع تأشيرة الدخول لتستقطب في العام 2019 وحده أكثر من 350 ألف سائح لبناني في فصل الصيف. حيث تراوح معدل الرحلات المنطلقة من بيروت إلى مطارات “اسطنبول” و”أضنه” و”بودروم” بين 40 و45 رحلة يومياً في شهري تموز وآب وحدهما.
في المقابل يحقق الميزان التجاري بين لبنان والسعودية فائضاً بقيمة 35 مليون دولار لمصلحة لبنان. ويصدّر إلى كل من الامارات وقطر ما قيمته 460 مليون دولار و142 مليوناً على التوالي، ما يمثّل 13 و4 في المئة من نسبة الصادرات. هذا فضلاً عن أن لبنان كان يستفيد سنوياً من وجود عشرات آلاف السياح العرب الذين يبلغ معدل إقامتهم حوالى 20 يوماً، وبمعدل إنفاق يصل إلى 5 آلاف دولار يومياً. هذا الواقع يجعل من الصعب على لبنان “إيجاد بديل عن الأسواق الخليجية”، بحسب معد الدراسة التحليلية لـ “إتفاقية الشراكة لإقامة منطقة تجارة حرة بين لبنان وتركيا في العام 2010″، وعضو المجلس الاقتصادي الاجتماعي د. أنيس بوذياب.
أما على الصعيد الزراعي فتتمتع تركيا بمساحات هائلة وتنوع في الأقاليم الزراعية ما يتيح لها إنتاج أضعاف ما ينتجه لبنان. وباستثناء التفاح، فان تركيا لا تحقق اكتفاءً من الفاكهة والخضار والكرمة والبقوليات والحشائش ومختلف المنتجات الزراعية التي يتميز بها لبنان فحسب، إنما تصدر بنسب كبيرة. وعليه فانه من الصعوبة بمكان أن تشكل تركيا سوقاً للمنتجات الزراعية اللبنانية أيضاً”، برأي بوذياب.
إن كانت هناك فرصة لتصريف المنتجات اللبنانية عاجلاً، فتتمثل بامكانية الانفتاح على السوق العراقي”، يقول بكداش. “لكن هذا يتطلب من الدولة إيجاد الحلول للكلفة الباهظة التي تفرضها سوريا على المصدرين، والتي تصل إلى 5000 دولار كبدل عبور الشاحنة من الحدود اللبنانية إلى الحدود العراقية”. خصوصاً أن سوريا عمدت في العام 2018 بالتزامن مع اعادة فتح المعابر إلى رفع رسوم العبور من 2 في المئة إلى 10 في المئة، تسدد بالدولار النقدي.
في المقابل يعتبر الصناعيون أن توسيع العلاقات ورفع الرسوم الجمركية مع تركيا والمعاملة بالمثل سيقضيان على الصناعة اللبنانية نتيجة سياسة الإغراق التي تعتمدها تركيا. هذا عدا عن الكميات الهائلة من البضائع التركية التي تدخل تهريباً من الحدود اللبنانية السورية. فـ”الصناعة التركية لطالما كانت المنافس الأكبر للمصانع اللبنانية في كل الأسواق العربية”، بحسب بكداش. و”من المستحيل أن تحل مكان الأسواق العربية والخليجية. فعدا عن ان أرقام التصدير من لبنان إلى تركيا منخفضة جداً، فان أغلب الصادرات هي عبارة عن مخلفات “WASTE” أي كسر الورق والبلاسيك وغيرهما. “فعلياً لا يوجد صناعات محلية قادرة على تصدير بضائعها إلى تركيا”، يقول بكداش. التكامل ممكن
إذا كان من شبه المستحيل منافسة الصناعة والزراعة التركية، فهذا لا يعني انعدام إمكانية الاستفادة من التعاون الاقتصادي. حيث بامكان لبنان التكامل مع تركيا في بعض الصناعات”، بحسب د. أنيس بوذياب. و”ذلك من خلال تقديم لبنان الأفكار الخلاقة المشهور بها في الابتكار والتصميم، وخصوصاً في مجالات الملبوسات والأحذية والمجوهرات… وغيرها الكثير